غزة ــ رائد لافيرام الله ــ سامي سعيد

لم يبقَ لإعلان أي هدنة داخلية في قطاع غزة أي طعم، فهي لا تساوي
قيمة الورق الذي كتبت عليه، ولا تحمل أي تأثير ميدانياً، إذ ما يلبث المسلحون أن يعودوا إلى مواقعهم، وكأن أي اتفاق لم يكن


سقطت الهدنة الداخلية الفلسطينية قبل أن تبدأ، ورصاص الإخوة أوقع المزيد من القتلى بين الطرفين، وسط دعوات التهدئة، التي لم تلقَ آذاناً من أي طرف، فيما تصاعدت أصوات وفتاوى تغذّي الاقتتال، الذي يبدو أنّه دخل مرحلة جديدة من التصعيد تقطع الطريق على أي محاولة حوارية.
عشرة قتلى وعشرات الجرحى، هي حصيلة اليوم الفلسطيني الدامي، الذي طالت خلاله رصاصات الفصائل، التي كانت تسمّى «مقاومة»، مقر رئاسة الحكومة، ما أدى إلى إلغاء جلسة لمجلس الوزراء، كان من المقرر أن تبحث الوضع الداخلي.
وخلال جولته على المدارس في الضفة الغربية للاطّلاع على الامتحانات الثانوية، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس المتقاتلين من حركتي «فتح» و«حماس» إلى التوقف فوراً عن الاقتتال، واصفاً ما يجري في القطاع بأنه «عيب بحقنا وحق شعبنا وحضارتنا ومستقبلنا».
ورداً على سؤال لـ«الأخبار» عمّن يتحمّل مسؤولية الاقتتال في غزة، قال أبو مازن «الكل غير مُعفى من المسؤولية وحماس وفتح تتحملان مسؤولية استئناف هذه الاشتباكات المخجلة والمخزية، والطرفان يتحملان مسؤولية أخلاقية ووطنية لوقف هذا الاقتتال». وشدّد على أنه يبذل كل الجهود لوقف الاقتتال إلى جانب رئيس الوزراء والوفد الأمني المصري والقوى الفلسطينية.
غير أن أمين سر الكتلة البرلمانية لـ «حماس» النائب مشير المصري حمّل عباس شخصياً كامل المسؤولية عن الأحداث التي تعصف بالقطاع. وقال، في تصريح صحافي، «إن الجريمة الكبرى أن يؤوي رئيس السلطة محمود عباس القتلة والمجرمين داخل مقره، وأن تُلتقط معهم الصور بابتسامات عريضة، لم نشهده يتبادلها مع رئيس الوزراء إسماعيل هنية أو أي من وزراء الحكومة».
وأشار المصري إلى أن ما يعرف بالمنتدى (مقر عباس على شاطئ بحر غزة) «تحوّل إلى مقر للقتل والخطف والتعذيب»، مضيفاً إنه «في العالم كله لم يحدث أن رعى الرئيس القتلة والانقلابيّين».
وفي السياق نفسه، قال النائب عن «حماس» يونس الأسطل إن «عباس ومن على شاكلته فقدوا كل الشرعية الجماهيرية، بالتزامن مع رفضهم الانتخابات التشريعية الديموقراطية الأخيرة وإعلانهم الحرب عليها، لذا هم لا يمثّلون إلا أنفسهم وإذا لم يتوبوا ويعودوا إلى صوابهم، فإن لهم جزاءً كبيراً في الدنيا والآخرة».
ورأى الأسطل، المعروف بمواقفه المتشددة، أن «من يتلقّى الدعم من الاحتلال والولايات المتحدة لا فرق بينهم وبين الاحتلال ويجب قتالهم مع اليهود من دون تمييز حتى نضمن النصر على العدو أو حتى ترجع الفئة الباغية»، مشيراً إلى أن «الشهداء لهم الجنة كما وُعدوا وأن للأحياء الصبر وشرف الرعاية من الله».
وفي ما يشبه الفتوى، دعا الأسطل، في تصريح صحافي نشرته مواقع إعلامية تابعة لحركة «حماس»، «المجاهدين إلى عدم التفرقة بين القتلة وبين اليهود، فكلاهما مفسد في الأرض من خلال أفعاله وأعماله الإجرامية التي لا يقبلها عقل ولا بد من عقابه». وقال «إن الألسنة التي تصف الفتاوى الإسلامية الخاصة بالمقاومة والجهاد ومحاربة أذناب الاحتلال بأنها تحريض على القتل عليها أن تخرس»، مشيراً إلى أن «من يعطي القرارات بالقتل هو من يجب قتله، أما إن كف يده وابتعد عن هذه الأفعال، فعلى المجاهدين حينها ألا يتعرضوا له».
في المقابل، رأى المتحدث باسم حركة «فتح» ماهر مقداد أن عدم صمود اتفاقات وقف إطلاق النار يعود إلى وجود «قرار داخل حماس باستمرار التصعيد»، متهماً الحركة بقلب الحقائق وإلصاق التهم بحركة «فتح».
ميدانياً، أفادت مصادر طبية فلسطينية أن ستة فلسطينيين قتلوا في الاشتباكات المسلحة الدائرة في بلدة بيت حانون في شمال قطاع غزة ومدينة غزة.
وقال المدير العام للإسعاف في وزارة الصحة الفلسطينية الطبيب معاوية حسنين إن «عيد المصري ( 56 عاماً) وابنيه فرج وإبراهيم قتلوا بالرصاص في الاشتباكات العنيفة والمؤسفة في بلدة بيت حانون». وأضاف «قتل صدام محمود بكر ( 18 عاماً) أيضاً في مدينة غزة خلال الاشتباكات المسلحة الدائرة في داخل وفي محيط مستشفى الشفاء بالمدينة».
ووقعت اشتباكات مسلحة عنيفة في بلدة بيت حانون وفي داخل مستشفى البلدة.
في وقت سابق، قتل باسل الكفارنة، وهو من أفراد القوة التنفيذية التابعة لحركة «حماس»، وياسر بكر، وهو من المخابرات العامة وعضو في حركة «فتح».
وأكد مصدر أمني أن اشتباكات عنيفة تدور وتُستخدم فيها القذائف ضد الدروع في محيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
وقتل عنصرا القوة التنفيذية محمد ابراهيم محجز (25 عاماً) ومازن عجور في اشتباكات في جباليا ومخيم الشاطئ في غزة.
كما عُثر على أسامة أبو قينص مقيد اليدين ومقتولاً في أحد شوارع غزة بعد منتصف الليل. وأكدت مصادر «فتح» أن أبو قينص أحد أعضائها. وتوفي ناشط في «حماس» يدعى محمد البابا متأثراً بجروح أصيب بها في الاشتباكات.
واتهمت «حماس» مسلحين من حركة «فتح» بمحاولة اغتيال وزير الشباب والرياضة الدكتور باسم نعيم، عبر إطلاق النار على مكتبه في الوزارة، لكنه نجا من الاغتيال.
وقال شهود عيان إن مسلحين مجهولين أطلقوا النار تجاه مقر مجلس الوزراء الفلسطيني في مخيم الشاطئ في غزة من دون أن يؤدي ذلك إلى وقوع إصابات.
وقال مصدر في ديوان رئيس الوزراء الفلسطيني إنه جرى إرجاء الاجتماع الحكومي الأسبوعي بعد إطلاق نار كثيف من جانب مسلحين مجهولين.