strong>مهدي السيد
رأى وزير المواصلات شاؤول موفاز، خلال شهادته أمام لجنة فينوغراد التي كُشف النقاب عنها أمس، أن عملية الأسر التي نفذها حزب الله في 12 تموز من العام الماضي كانت فرصة من أجل «العمل ضد صواريخ حزب الله»، لكن أسيء استغلالها، مبدياً في المقابل خيبة أمله لفشل الجيش الإسرائيلي في «كسر التوازن» في مقابل حزب الله، الأمر الذي كان يمكن تحقيقه عبر جملة إنجازات أهمها «استهداف» الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله.
وتنقسم شهادة موفاز إلى قسمين: الأول يتطرق إلى الفترة التي شغل فيها منصب رئيس الأركان، حتى الانسحاب من لبنان، والثانية تتعلق بكونه وزيراً في المجلس الوزاري المصغر خلال حرب لبنان الثانية.
وكان لافتاً محاولة موفاز، في شهادته، السعي إلى رفع أي مسؤولية عن نفسه بشأن قرارات الحرب، وذلك من خلال تأكيده على عدم الأخذ باقتراحاته وملاحظاته في الحرب، وعلى عدم اطلاعه على المساعي السياسية التي جرت أثناءها. وقال موفاز: «في كل المرات التي تدخلت فيها، باستثناء مسألة العملية في الضاحية، لم يؤخذ برأيي، بل أكثر من ذلك لقد هاجموني».
وأوضح موفاز أنه كان يؤيد قصف الأهداف اللبنانية بما فيها البنى التحتية اللبنانية «لوقت طويل ومتواصل وبقوة هائلة». وعلى الرغم من كثافة القوة النارية التي استخدمها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه، وعلى الرغم من العدد الكبير للشهداء المدنيين اللبنانيين وحجم الدمار الهائل، يبدو أن هذا البطش لم يشف غليل موفاز ولم يُشبع نهمه للقتل والدمار، حيث قال في شهادته «اعتقدت أننا يجب أن نضرب بصلابة، بقوة هائلة وبشكل متواصل. كنت أتحدث عن أسابيع، لا عن يوم أو يومين»، مشيراً إلى أنه «ترك عملية اتخاذ القرار حول سبل التنفيذ للقادة وصوت إلى جانب تلك القرارات».
وفي إشارة إلى وجود نية إسرائيلية مبيتة للعمل ضد قدرات حزب الله الصاروخية، وانتظارها الفرصة المناسبة لذلك، قال موفاز، رداً على سؤال وجهه له أحد أعضاء اللجنة عمّا كان ينبغي أن تفعل إسرائيل بعد عملية الأسر، «بالأساس، أيدت الخطوات التالية: أولاً، العمل ضد الصواريخ، ووجدت أنها فرصة لذلك. ورأيت أن من الصحيح العمل في الليلة نفسها وقصف البنى التحتية، الثابتة والمتحركة، وقصف أهداف حزب الله والبنى التحتية اللبنانية، من دون التعرض للسكان».
وفي اعتراف غير مباشر بفشل الحرب في تحقيق أهدافها، وتعبيراً عن خيبة أمله، لفت موفاز إلى أنه كان يجب «إيجاد نقطة يمكن اعتبارها كاسرة للتوازن وهي المس بنصر الله، أو عملية جوية تلحق أضراراً هائلة بحزب الله وأيضاً بالبنى التحتية اللبنانية، أو عملية برية، لو كانت اقترحت في وقت سابق لكنت سأؤيدها».
ولم يوفر موفاز وزير الدفاع عامير بيرتس من سهام نقده ولا الجيش الإسرائيلي، وذلك من خلال غمزه من قناة كيفية اتخاذ القرارات العسكرية في ظل وزير دفاع عديم الخبرة. وقال موفاز: «لم يكن لوزير الدفاع أي وسيلة تتيح له عملية سليمة لاتخاذ القرارات وبلورة السياسة. فهو استند إلى الجيش الذي كان يُعد له أوراق العمل والاقتراحات ويقدمها له قائلاً: سيدي وزير الدفاع هذا موقفنا. فماذا سيفعل وزير الدفاع إذا لم يكن يتمتع بالخبرة والمعرفة العسكرية؟ إما أن يتصدى لها، وإما أن يقبلها كما هي».
وتطرق موفاز أيضاً إلى فترة ولايته رئيساً للأركان، فقال إنه أيد الانسحاب من لبنان باتفاق. وبحسب كلامه، خططت الحكومة للانسحاب من لبنان في شهر تموز، لكنه طلب تقديم موعد الانسحاب إلى نهاية أيار من عام 2000. وأشار موفاز إلى أن تعاظم قوة حزب الله لم يغب عن أنظار الجيش الإسرائيلي، وأنه وجد هذا التعاظم للقوة خطراً استراتيجياً على إسرائيل. وأضاف أنه «بعد الانسحاب من لبنان، اتبعت حكومات إسرائيل نهجاً يقوم على أساس كبح حزب الله من خلال العمليات المركزة، سواء بشكل مبادر به أو رداً على الهجمات»، وقال إن الجيش أُمر «بالتحكم بمستوى اللهيب».