strong>احتلال العراق سيمتدّ في الحدّ الأدنى عقداً من الزمن. هذا آخر تقويم أجراه الجيش الأميركي لوجوده في بلاد الرافدين. وفي ظلّ الحديث المكثّف عن «إحباط» واشنطن من عدم احترام الحكومة العراقيّة لجداولها الزمنيّة في تطبيق معايير «المصالحة الوطنيّة»، يتّضح أنّ «ساعتي» واشنطن وبغداد تجريان بتفاوت كبير
أعرب قائد القوّات الأميركيّة في العراق دايفيد بترايوس، في ردٍّ على سؤال لشبكة «فوكس» التلفزيوينة الأميركيّة أمس عن احتمال التزام أميركي طويل الأمد في العراق مثلما كان عليه الوضع في كوريا الجنوبيّة، عن اعتقاده «الفعلي» أنّ «العمليات ضدّ التمرّد تدوم تاريخياً 9 أو 10 سنوات على الأقلّ».
أما السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر، فقال من جهته إنّ الوضع في بلاد الرافدين «معقّد لكن غير ميؤوس منه، بوجود بعض التقدّم رغم الصعوبات»، محذّراً من «أيّ انسحاب سريع»، لأنّ دوري إيران وسوريا في العراق «ليسا إيجابيّين».
وأشار كروكر إلى «إحباط» واشنطن من التقدّم البطيء الذي يحرزه العراقيّون على صعيد «المعايير السياسيّة»، رغم اقتراب الأفرقاء في بغداد «جدّاً» من التوصّل إلى صيغة نهائيّة لقانون توزيع العوائد النفطيّة.
وتطرّق الدبلوماسي الأميركي إلى التقرير المفترض أن يقدّمه وبترايوس في أيلول المقبل عن التقدّم الذي حقّقته الاستراتيجيّة الجديدة للبيت الأبيض من خلال إغراق بلاد الرافدين بمزيد من القوّات (اكتمل عديدها ليصبح 160 ألف عنصر). وقال إنّ هناك ساعتين «لتقويم مستوى التقدّم»، موضحاً أنّ ساعة واشنطن «تجري أسرع بكثير من نظيرتها في بغداد».
وفي السياق، أنهى وزير الخارجيّة الأميركي روبرت غيتس زيارته «المفاجئة» لبغداد، والتي تأتي في إطار زيارات المسؤولين الأميركيّن المكثّفة إلى بلاد الرافدين في الفترة الأخيرة. ولفتت تقارير صحافيّة إلى أنّ غيتس أبلغ رئيس الحكومة العراقيّة نوري المالكي، خلال لقائه به، أنّ «قوّاتنا توفّر لكم الوقت لمواصلة المصالحة، وإنّنا بصراحة نشعر بخيبة أمل تجاه التقدّم الذي تحقق حتى الآن».
أمّا المالكي فرفض من جهته، في حديث لمجلة «نيوزويك»، «الضغط» الأميركي، معتبراً الجداول الزمنية، التي يُقوَّم التقدّم في مسيرة المصالحة مع السنّة على أساسها، «شيئاً غير مفيد».
ولفت السياسي العراقي، الذي رأى في اللقاء نفسه أنّه «أكثر رجل يؤمن بالمصالحة الوطنية»، إلى أنّ الاحتلال الأميركي يرتكب أخطاءً كثيرة من خلال استراتيجيّة تسليح العشائر السنيّة لمكافحة الإرهاب، لأنّ من شأن ذلك «التسبّب بنشوء ميليشيات»، مشدداً على ضرورة ترك قرارات من هذا النوع لحكومته.
كذلك، دعا المالكي، خلال استقباله سفير تركيا لدى بغداد درياي قنباي أمس، الدول الإسلامية إلى التعاون لمكافحة «الإرهاب والتطرّف لأنّهما واحد» سواء كانا في لبنان أو العراق أو السعودية أو تركيا.
ونقل بيان عن المالكي إعرابه خلال اللقاء عن «الشعور بقلق كبير إزاء العمليات التي يقوم بها حزب العمّال الكردستاني (ضدّ القوّات التركيّة على الحدود العراقيّة) ويذهب ضحيّتها مدنيّون أبرياء»، و«حرصه» على منع «نشاط الحزب المذكور في العراق».

في هذا الوقت، وفي إطار تداعيات تفجير مرقد العسكريّين في سامرّاء الأسبوع الماضي، حثّ الزعيم الشيعي مقتدى الصدر أمس شيعة العراق على الذهاب إلى سامراء لزيارة الضريحين «رافعين أغصان الزيتون»، في إشارة إلى سلميّة التحرّك.
وقال الصدر، في بيان، مخاطباً أتباعه، «إنّ مقدّساتنا ستبقى في أعناقنا أمانة ومن واجبنا الدفاع عنها بما نجده صالحاً»، مضيفاً «أتمنّى أن يكون سنّة العراق بانتظاركم يفرشون لكم الطريق ورداً وريحاناً».
ميدانيّاً، بدأ العراقيّون يعودون ببطء إلى شوارع بغداد بعد رفع حظر التجوّل أمس، في أعقاب 4 أيّام من التوتّر جرّاء تفجير سامرّاء، وردود الفعل الغاضبة عليه، والتي تمثّلت بتفجير أكثر من 10 مساجد سنيّة في أنحاء البلاد.
وأعلن الجيش الأميركي أوّل من أمس عن مقتل أحد جنوده في تفجير عبوة ناسفة في جنوب العاصمة، الأمر الذي يرفع عدد قتلاه منذ بداية الشهر الجاري إلى 38 قتيلاً. كذلك، أعلن الناطق الإعلامي للاحتلال في جنوب العراق عن مقتل جندي بريطاني في حادث سير في إحدى ضواحي البصرة.
وقتل اثنان من جهاز الأمن الكردي («آشايس») وآخر مدني في انفجار سيّارة مفخخة قرب أحد مقارّ «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يرأسه الرئيس جلال الطالباني، في شمال بغداد أمس. كذلك أعلنت الشرطة العراقيّة عن مقتل 8 أشخاص في هجمات متفرّقة، وعُثر على جثّة مدير تحرير صحيفة «الصباح» الحكوميّة فليح وادي مجذوب في مدينة الصدر في بغداد بعدما كان قد خُطف الأربعاء الماضي.
(أ ب، أ ف ب، رويترز،
يو بي آي، د ب أ)