رام الله ــ سامي سعيدغزة ــ الأخبار

حكومة «الطوارئ» تقرّ بالعجز عن بسط السيطرة على غزة التراشق الإعلامي بين الحكومتين الفلسطينيتين لا يزال سيد الموقف في الأزمة الفلسطينية، مع إصرار حكومة الطوارئ على بسط سيطرتها على قطاع غزة، وهو ما جدّدت «حماس» رفضه، فيما ظهرت بوادر المحاسبة الداخلية في السلطة بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس إقالة مجلس الأمن القومي الذي يضمّ القيادي «الفتحاوي» محمد دحلان

شدّدت حكومة الطوارئ الفلسطينية في أول اجتماع رسمي لها أمس التزامها تحمل كل مسؤولياتها في قطاع غزة بما في ذلك معالجة الأوضاع الإنسانية ودفع رواتب الموظفين هناك، إلا أنها أقرت بأنها «لا تعرف كيف» ستفرض الأمن في القطاع.
وقال وزير الإعلام الجديد رياض المالكي، إن الحكومة ناقشت «الوضع الشاذ في قطاع غزة، وتؤكد أنها قائمة هناك، وموظفو السلطة في القطاع هم مسؤولية قانونية وإدارية وأخلاقية، وستواصل عملها في القطاع بغض النظر عن الأوضاع القائمة».
وأضاف المالكي أن الحكومة الجديدة بدأت متابعة الأوضاع الإنسانية في القطاع في أعقاب الأحداث الدامية التي شهدها خلال الأسبوعين الماضيين». لكنه أشار إلى أن الحكومة «لن تلتزم تجاه أي موظف لا يلتزم تعليماتها».
وسئل وزير الداخلية عبد الرزاق اليحيى كيف سيفرض القانون في قطاع غزة الذي يسوده العنف؟ فقال إنه «لا يعرف».
واعترف رئيس حكومة الطوارئ سلام فياض بأن حكومته تواجه مشكلة صدقية، لكنه شدّد على أن هذه الحكومة تمثّل الإدارة الشرعية الوحيدة في الأراضي الفلسطينية.
وقال فياض، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) أمس، إن «استعادة الأمن ستكون الأولوية الأولى لحكومة الطوارئ».
ومن غزة، حمّل القيادي البارز في حركة «فتح» أحمد حلس أمس حركة «حماس» المسؤولية الكاملة عن تدهور الأوضاع الأمنية والسياسية في القطاع من خلال ممارساتها الميدانية على الأرض.
وقال حلس، في مؤتمر صحافي، ««حماس»، عن طريق سلوكها الميداني على الأرض أوصلتنا إلى طريق مسدود، فبكل مسؤولية وطنية أقول إن ما حدث أخيراً على الساحة الفلسطينية دفعتنا إليه «حماس»، فمن أغلق الطريق بالتأكيد لديه الرؤية لإعادة فتحها».
وتابع حلس «بكل شجاعة أقول خسرنا هذه الجولة التي لم نكن نتفاخر أننا جزء منها، ونبارك لـ «حماس» على انتصارهم على الشعب والتاريخ والسلطة الفلسطينية وفتح، أما نحن فسننتصر لشعبنا ونعيد له الأمل، وسنعيد ترتيب أوراقنا الداخلية وتنظيم حركة «فتح»».
ووجّه حلس رسالة إلى أبناء «فتح» طالباً منهم عدم الإحباط واليأس لما حصل، قائلاً «إذا كنتم تشعرون باليأس والألم فإنهم (حماس) يشعرون بالعار، فالألم يمكن علاجه لكن لا أعرف كيف يمكن من يشعر بالعار أن يعالجه. فهذه المرحلة لن تستمر طويلاً».
وناشد حلس قياديي حركة «فتح» في قطاع غزة الذين غادروا إلى مدينة رام الله العودة فوراً إلى وسط أبنائهم وعناصرهم، داعياً من يفكر في مغادرة القطاع إلى رام الله أو إلى مصر إلى عدم تقديم ما وصفه بـ«الهدية المجانية للآخرين، ومنحهم المبررات لمهاجمة الفتحاويين».
في المقابل، قال رئيس حكومة الوحدة إسماعيل هنية، إنه لا يزال يرى أن حكومة الوحدة هي الحكومة الفلسطينية الشرعية، واتّهم عباس بالاشتراك في مؤامرة أميركية لإطاحته.
وقال نائب رئيس كتلة «حماس» البرلمانية يحيى العبادسة أمس، إن «حكومة الطوارئ ستودي بتطلعات الشعب الفلسطيني وأهدافه». وأضاف أن «الرئيس محمود عباس انقلب على الشرعية والدستور عندما أقال حكومة رئيس الوزراء اسماعيل هنية، وألّف حكومة فياض التي جاءت وفق جدول أعمال أميركي لتقضي على تطلعات الشعب الفلسطيني وآماله».
وشدّد العبادسة على أن باب الحوار لا يزال مفتوحاً، مضيفاً «حماس ملتزمة بكل ما تم التوصل اليه من اتفاقات، وبقرارات جامعة الدول العربية»، مجدّداً رفض «حماس» لحل المجلس التشريعي وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة.
ووصف الناطق باسم الكتلة صلاح البردويل، في مؤتمر صحافي عقد في مقر المجلس التشريعي في غزة، حكومة فياض بأنها «حكومة دايتون» و«غير قانونية»، مشدّداً على تمسك «حماس» «بالشراكة السياسية ووحدة الوطن ووثيقة الوفاق الوطني».
وطالب البردويل عباس بالتراجع عن قراراته. وحذّر «من التمادي في الجرائم القانونية». وقال «منذ فوز حماس في الانتخابات عملت مجموعات انقلابية على إشاعة الفلتان الأمني من خلال أمن الرئاسة والأمن الوطني والأمن الوقائي وعملت على إفشال وزير الداخلية والاستمرار في حالة السلبية لفشل فك الحصار».
وأعلن مسؤول فلسطيني أمس، أن الرئيس محمود عباس قرر حل مجلس الامن القومي، الذي كان محمد دحلان أمينه العام وأحد أهم مسؤوليه. وضم هذا المجلس أيضاً رئيس الحكومة المقالة اسماعيل هنية ووزيري الخارجية والعدل ورؤساء الأجهزة الأمنية الرئيسية.
وقالت مصادر فلسطينية إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ألّف لجنة برئاسة الأمين العام للرئاسة الطيب عبد الرحيم، للتحقيق في مجريات الأحداث الأخيرة في قطاع غزة. وأضافت أن اللجنة «ليست لجنة مختصة بفتح، بل هي لجنة للتحقيق في ما جرى، خاصة أعمال النهب والسلب والقتل في قطاع غزة، إضافة إلى التقصير الذي حصل من الأجهزة الأمنية».
من جهة ثانية، قال المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة، إن اسرائيل ورئيس حكومتها في لحظة اختبار لمدى جديتها ونياتها الحقيقية حيال انطلاق «عملية سلام جدية». وأشار إلى أن «على إسرائيل اجراء مراجعة شاملة لسياستها، وإحداث تغيير عميق في توجهاتها حيال عملية السلام».