الاحتلال يطلق «السهم الحارق» بمشاركة 10 آلاف جندي لـ«القضاء على القاعدة»
عاشت بغداد أمس، نهاراً دموياً لم تشهد مثيلاً له منذ شهرين تقريباً، حيث قضى 78 عراقيّاً وجرح أكثر من 224 آخرين في تفجير سيّارة في وسط المدينة. وفيما بدأ الجيش الأميركي عمليّة واسعة النطاق يشارك فيها أكثر من 10 آلاف من جنوده ضدّ تنظيم «القاعدة» في محافظة ديالى المضطربة، استمرّ الحذر مسيطراً على جنوب بلاد الرافدين بعد يومين من المواجهات بين الاحتلال و«جيش المهديويُعدّ الانفجار الذي وقع بالقرب من جامع «الخلاني» الشيعي في وسط العاصمة العراقيّة، الأكثر دمويّة منذ التفجير الانتحاري الذي استهدف حيّ الصدريّة في المدينة في 18 من نيسان الماضي والذي أوقع 140 قتيلاً وصُنّف الهجوم الأعنف منذ احتلال البلاد عام 2003.
وتعدّ المنطقة التي شهدت الانفجار من أكثر المناطق ازدحاماً في بغداد، حيث يقع بالقرب منها عدد من الدوائر والمكاتب الحكومية ومقار ومكاتب شركات أهلية وعدد كبير من المحالّ التجارية، وسوق «الشورجة» التجاري الذي يعتبر من أقدم وأهم أسواق بغداد.
ودان رئيس الوزراء نوري المالكي التفجير، واتّهم «زمر التآمر والإرهاب» بارتكاب «الجريمة»، التي رأى أنّها «دليل آخر على إصرار أطراف الحلف الصدّامي (نسبة إلى الرئيس السابق صدّام حسين) التكفيري على إثارة الفتنة الطائفية والاستهتار بكل القيم والتجاوز على جميع الحرمات».
وفي بغداد أيضاً، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي، موفّق الربيعي أمس، بدء عمليّة «السهم الحارق» العسكرية الواسعة النطاق في مناطق واسعة في محيط العاصمة. وقال، في تصريحات صحافية، إنّ «التطهير من الإرهاب» سيشمل بعقوبة والثرثار وحزامي بغداد الشمالي والجنوبي.
في هذا الوقت، قال الجيش الأميركي إنه قتل 22 ممن يشتبه في كونهم من المتشدّدين في هجوم كبير ضد «القاعدة»، في حملة عسكريّة هي الأكبر من نوعها في العراق حول بعقوبة (65 كيلومتراً شمالي بغداد) في محافظة ديالى، حيث تتصاعد هجمات المسلّحين بمستوى لا سابق له منذ انطلاق خطة «فرض القانون» في بغداد في منتصف شباط الماضي.
أمّا في الناصريّة في جنوب البلاد، فقد هدأ الميدان نسبيّاً بعد يومين من المواجهات العنيفة بين عناصر «جيش المهدي»، الجناح العسكري لـ«التيّار الصدري»، والشرطة العراقية مدعومةً بقوّات بريطانيّة أدّت إلى سقوط أكثر من 35 قتيلاً. وقال النائب عن «التيار الصدري» بهاء الأعرج إنّ مؤيدي الحركة توصّلوا إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، بعدما أمرهم الزعيم الشيعي مقتدى الصدر بالعودة إلى ديارهم.
كذلك، أفاد المتحدّث باسم قوّات «البشمركة» الكرديّة جبار ياور أنّ مسلّحين قتلوا 5 جنود أكراد في منطقة كردستان في شمال العراق، أثناء توجّههم إلى العاصمة للمشاركة في الحملة الأمنيّة.
ميدانياً أيضاً، أعلن الجيش الأميركي مقتل 3 من جنوده خلال عمليات في ديالى وجنوب بغداد أمس، فيما قضى 9 عراقيّين في أحداث متفرّقة، وعُثر على 33 جثّة في أنحاء مختلفة من بغداد.
وعلى صعيد مختلف، دعا زعيم «الائتلاف العراقي الموحّد» ورئيس «المجلس الأعلى الإسلامي» في العراق عبد العزيز الحكيم، الموجود في طهران حاليّاً لتلقيّ العلاج لسرطان الرئة، العراقيّين إلى المشاركة في «المسيرة الكبرى» التي ستنطلق من مدينه النجف غداً، احتجاجاً على التفجير، الذي استهدف مرقد العسكريّين في سامرّاء الأسبوع الماضي، بعد دعوة مقتدى الصدر لذلك، وتحذيرات من إمكان أن يؤدّي التظاهر إلى أحداث عنف.
وفي شأن آخر، أعلن وزير الخارجيّة التركي عبد الله غول أمس، عن أمله بأن تستمرّ المباحثات بين إيران والولايات المتحدة حول العراق «في أجواء إيجابية»، بعد الجولة الأولى التي عُقدت في 28 من الشهر الماضي، والتي أعربت طهران أمس عن تقويمها الإيجابي لإمكان استمرارها قريباً.
وجاء حديث غول خلال اتصال هاتفي أجراه مع نظيره الإيراني منوشهر متكي، حيث نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (ارنا) وصف الأوّل لاعتقال الدبلوماسيين الإيرانيين في أربيل في شمال العراق في كانون الثاني الماضي وعدم إمكان الاتصال القنصلي بهم بأنّه «غير مقبول».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أمس، أنّ السفير الأميركي في بغداد ريان كروكر شدّد في مذكّرة كتابيّة وجّهها إلى وزيرة خارجيّة بلاده كوندوليزا رايس الشهر الماضي، على أن سفارته تعاني نقصاً في «الكوادر» وأنّه «لا يمكننا القيام بأهم عمل إذا لم يكن لدينا أفضل الأشخاص».
(أ ف ب، يو بي آي، د ب أ، رويترز)