جاء إعلان الجيش الأميركي أمس عن مقتل 14 جنديّاً من صفوفه خلال اليومين الماضيين، ليوضح الصعاب التي تواجه الحملة التي يشنّها منذ الثلاثاء الماضي لـ «استئصال الإرهاب» من أحزمة بغداد. ومع تشديد قادته العسكريّين على أنّ العمليّة الموسّعة ستستمرّ نحو شهرين، يبدو أنّ الاحتلال عازم على إحداث تغيير قريب في الأوضاع في بلاد الرافدين، يتزامن مع حراك في الشقّ السياسي الداخلي، بانت ملامحه الأوّليّة أمس، مع اتّفاق الحكومة والأكراد على إحالة قانون النفط إلى مجلس النوّاب للمناقشة والإقرار.ويبدو أنّ إقرار الرئيس الأميركي جورج بوش الشهر الماضي، بأنّ الصيف، الذي بدأ أمس، سيكون دموياً على قوّاته في العرق، واقعي وحازم. ففيما استكملت القوّات الأميركيّة البالغ عديدها 10 آلاف جندي عمليّة «السهم الحارق» في محافظة ديالى وفي أحزمة العاصمة، لملاحقة «المتشدّدين»، قضى 5 من جنود الاحتلال في تفجير عبوة ناسفة في شمال شرق بغداد، وجندي آخر في هجوم منفصل في المنطقة نفسها، بعدما شهد يوم أوّل من أمس مقتل 8 جنود في هجمات مختلفة في الأنبار وجنوب بغداد.
وقال قائد القوّات الأميركيّة في العراق الجنرال دايفيد بترايوس، إنّه يتوقّع أن يُعزز تنظيم «القاعدة» صفوفه في العراق ليتصدّى للعمليّات المكثّفة. وقال، في حديث نشرته صحيفة «تايمز» البريطانيّة، إنّه «لا يمكن القضاء على الهجمات التي تلهب المشاعر في بغداد»، في إشارة إلى تفجير «الكلّاني» الثلاثاء الماضي الذي أودى بحياة 87 شخصاً، مشدّداً على أنّ هذا لا يمكن أن يكون «مقياساً لمدى نجاحنا، وما علينا فعله هو خفض عددهم وتأثيرهم».
أمّا في شأن التقرير الذي سيقدّمه والسفير الأميركي في بغداد ريان كروكر إلى واشنطن في أيلول المقبل، فقد رأى بترايوس أنّه «لا يمثّل مهلة نهائية لتغيير السياسة (الأميركيّة) في العراق»، مشيراً إلى أنّه لدى شرح كروكر لمحتوى التقرير «لن يكون لدينا أيّ أوهام».
في هذا الوقت، قتل 18 عراقيّاً على الأقلّ في تفجير انتحاري استهدف مقر البلدية في بلدة سلمان بك في شمال البلاد.
وفي واشنطن، نشر «مركز الأمن الأميركي»، وهو منظمة أبحاث جديدة يديرها مسؤولون سابقون في وزارة الدفاع الأميركية، خطّة مفصّلة تضع تصوّراً لانسحاب القوّات الأميركية على مراحل من العراق تبدأ من الشهر المقبل وتنتهي في 2012. وأشار التقرير إلى أنّ البعض قد يقترح انسحاب الاحتلال فقط عندما يتحقق النصر، لكن «لن يكون هناك نصر أميركي في العراق بالشروط التي حدّدتها إدارة بوش» بل تحقيق أهداف «أكثر واقعيّة».
من جهة أخرى، كشف مستشار الأمن القومي العراقي موفّق الربيعي، في تصريحات نشرتها صحيفة «الصباح» الحكوميّة أمس، أنّ ضابطاً برتبة جنرال سابق في الجيش البريطاني يدعى غراهام لامب، يقوم بدور الوسيط في مفاوضات تجرى حالياً مع جميع الجماعات المسلّحة التي ترغب في الدخول في العملية السياسية باستثناء «القاعدة».
وفي تطوّر لافت، قال المتحدث باسم وزارة النفط في بغداد عاصم جهاد، في حديث لـ «رويترز»، إنّ مشروع قانون النفط العراقي المثير للجدل، أُحيل إلى البرلمان، موضحاً أنّ مناقشته ستتمّ في الأيّام المقبلة، بعد خلافات حادّة بين الحكومة المركزيّة وتلك التي في إقليم كردستان في شمال البلاد، حول «السيطرة على الحقول النفطيّة» وكيفيّة توزيع عائداتها، منذ أن طرح مجلس الوزراء المشروع في شباط الماضي.
وفيما أشار الناطق الرسمي باسم الحكومة علي الدباغ، إلى أنّ التعديل الوزاري نحو إشراك أقوى للسنّة من أجل تحقيق «المصالحة الوطنيّة» بحاجة الى وقت اطول ومناقشات سياسية أكثر بسبب «اعتراض كتل سياسيّة على الأسماء المطروحة»، كشفت صحيفة «واشنطن بوست» أنّ نائب الرئيس العراقي عادل عبد المهدي قدّم استقالته من منصبه الأسبوع الماضي، في «تحرّك يعكس الإحباط العميق» داخل الحكومة والكتل الشيعية من المالكي، مشيرة إلى أن مسؤولين آخرين رفيعي المستوى في بغداد يدرسون القيام بالأمر نفسه.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن سياسي عراقي «رفيع المستوى» قوله إنّ «أحد مطالب عبد المهدي من المالكي» هو أن يعمل الأخير «وفق تعهّدات طويلة الأمد، وأن يشرك الرئيس (جلال الطالباني) ونائبيه (طارق الهاشمي إلى جانب عبد المهدي)».
وفي بكين، وقّع الرئيس العراقي مع نظيره الصيني هو جينتاو اتّفاقاً لإلغاء الديون العراقية المستحقّة للصين والبالغة نحو 8 مليارات دولار.
(أ ب، أ ف ب، رويترز، يو بي آي)