تعيش سلوى (45 عاماً) مع أطفالها السبعة في دكان حوّلته إلى غرفة للسكن في أحد أزقة البلدة القديمة في القدس المحتلة، بعدما أبلغتها السلطات الإسرائيلية تجريدها من حق الإقامة في المدينة بسبب سكنها في إحدى الضواحي التي تعدُّها إسرائيل جزءاً من الضفة الغربية.وقالت سلوى: «كنا نعيش في ضاحية البريد ولي بيت كبير، فاجأوني بتجريدي من حقي وحق أولادي بالإقامة في مدينة القدس وألغوا حقي بالتأمين الصحي». وتابعت: «أرسل الإسرائيليون إلي رسالة في أيار 2005 كتبوا فيها: لقد ثبت لدينا أنك لا تعيشين في حدود دولة إسرائيل منذ عام 1996، وبالتالي عليك إثبات أنك مقيمة في حدود الدولة خلال 45 يوماً من تاريخ الرسالة، ولديك حق اللجوء للقضاء للاعتراض خلال ستة أشهر».
وأضافت سلوى أن «الإيجارات في القدس الشرقية مرتفعة جداً، فالحد الأدنى للشقة الصغيرة 500 دولار شهرياً وأكثر، وعمل زوجي متعثر، وبالكاد نطعم أنفسنا».
واختارت سلوى السكن في مخزن صغير إيجاره 200 دولار شهرياً وتدفع ضريبة المساحة وفواتير الكهرباء والماء إثباتاً لوجودها مع عائلتها في القدس بانتظار أن تبت قضيتها في 26 حزيران الجاري.
وصنفت إسرائيل سكان القدس بعد احتلالها على أنهم مقيمون لا مواطنون، ومنحتهم هوية زرقاء إسرائيلية. وغيّرت إسرائيل معالم حدود مدينة القدس العربية المضمومة إلى البلدية الإسرائيلية، وعدّت قسماً كبيراً من ضواحي المدينة جزءاً من الضفة الغربية.
ويبني المقدسيون على أسطح منازلهم بيوتاً من الصفيح ليسكن أبناؤهم المتزوجون فيها لإثبات مكان إقامتهم. وبات منظر القدس القديمة مثل مخيمات اللاجئين.
ووصفت المحامية الإسرائيلية ليئا تسيميل أخيراً ما تقوم به إسرائيل من تجريد المقدسيين من إقامتهم «بالتطهير العرقي». وقالت: «تريد إسرائيل إحداث تغيير ديموغرافي للسكان، وتفريغ المدينة من العرب، فهي تضيق عليهم قانون المواطنة، وجعلتهم مقيمين مؤقتين يتغير وضعهم بمجرد تغيير مكان سكنهم، إذا ما سافروا للعمل يجردون من حقهم في السكن والعودة إلى القدس».
وقال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية زياد الحموري إن وزارة الداخلية الإسرائيلية سحبت عام 2006 أكثر من 1360 هوية (إقامة) من المقدسيين. وأوضح: «لقد سنت إسرائيل قوانين منها قانون الدخول إلى إسرائيل الذي بدأت تفعيله عام 1995 وجمدته عام 2000 لفترة قصيرة وعادت لتعمل به بوتيرة عالية، فمثلاً إذا عشت خارج حدود بلدية القدس مدة سبع سنوات تفقد حق الإقامة في المدينة». وتابع أن وزارة الداخلية الإسرائلية توجه رسائل لمن حصلوا على جنسية أجنبية أو إقامة في دول أخرى، وتطلب منهم تسليم الهوية الإسرائيلية خلال شهر.
وقال تقرير لمركز المعلومات لحقوق الإنسان (بيتسيلم) الإسرائيلي، تحت عنوان «الترانسفير الهادئ»، إن «إسرائيل انتهجت، من خلال وزارة الداخلية، طريقة إضافية لتقليص عدد المواطنين الفلسطينيين من سكان شرق القدس، عبر سحب مكانة المواطنة (الإقامة) ممن انتقل للسكن خارج حدود بلدية القدس». وتابع: «وكل من لم ينجح في أن يثبت، في الحاضر وفي الماضي، أنه من سكان القدس، يطلب منه مغادرة بيته إلى الأبد. وفي هذه الحالة يفقد حقه في السكن والعمل في إسرائيل، وتُسحب الحقوق الاجتماعية منه ومن عائلته».
وأضاف التقرير: «لم تُنشر هذه السياسة على الملأ. ولم يُحَذَّر الفلسطينيون الذين غادروا القدس من أنهم يخاطرون بمكانتهم وحقهم في العودة والعيش في بيتهم الكائن في القدس».
(أ ف ب)