موسكو ــ حبيب فوعاني
مع اقتراب موعد القمّة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأميركي جورج بوش في 1 و2 تموز المقبل، تتصاعد وتيرة الحرب النفسية بين ممثلّي البلدين حول خلافات ذكّرت العالم بأجواء مستعادة من الحرب الباردة بعد عقدين على سقوط المعسكر الاشتراكي.
وفي الوقت الذي يسطع فيه نجم بوتين الذي «تجرّأ» على تحدّي الأُحادية القطبية الأميركية في زمن «الانبطاح» أمام العمّ سام، يتحدّث بعض الإعلام الغربي بقوة عن مسؤولية بوتين الشخصية عن عدد من الملفات، وأبرزها انتهاكات حقوق الإنسان والتضييق على الصحافيين ووسائل الإعلام وحرية الكلمة وإخماد التمرّد الشيشاني.
وتذهب بعض الأقلام بعيداً في تحاليلها، بحيث لا تستبعد جلب بوتين إلى محكمة لاهاي الجنائية بعد انتهاء عهده العام المقبل. ويتردّد صدى مثل هذه الآراء في الصحافة «الليبرالية» الروسية، فيؤكّد مثلاً المحلّل السياسي الروسي ستانيسلاف بيلكوفسكي، أن بوتين يذهب إلى واشنطن للمساومة على مصيره الشخصي بعد تنحّيه عن السلطة، ليس إلا!
وبعيداً عن هذه السيناريوهات «الهوليوودية»، لا تنبئ بعض خطوات الكرملين، التي جرى توقيت اتخاذها قبيل الزيارة، عن نيّة بوتين رفع «الراية البيضاء»، مثلما يتمنّاه الغرب وبعض المعارضة الروسية.
فقبل أيام، جرى تسريب معلومات عن صفقة طائرات روسية عسكرية متطورة إلى سوريا، رغم نفي رئيس المؤسسة الفيدرالية الموحّدة لتصدير الأسلحة والتقنية العسكرية الروسية «روس أوبورون إكسبورت»، سيرغي تشيميزوف، الذي اعتاد دائماً نفي مثل هذه الصفقات قبل أن تصبح أمراً واقعاً. وستستقبل موسكو الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز في 28 ــــــ 30 حزيران الجاري لإبرام صفقة غواصات روسية، للتذكير بدور روسيا الدولي، مع ما تحمله هذه الصفقة من رمزيّة، نظراً للعداوة الكبيرة التي يكنّها الاشتراكي تشافيز لـ«رأس الإمبريالية الأميركية».
أما زيارة رئيس غرفة التجارة والصناعة الروسية يفغيني بريماكوف إلى جورجيا الساعية للتفلت من قبضة النفوذ الروسي، فلم تقتصر على الاتفاق على رفع الحظر الروسي عن استيراد النبيذ الجورجي الى روسيا، لكن أتت لتذكير الرئيس ميخائيل ساكاشفيلي بالنظرية الماركسية حول أولوية الاقتصاد على السياسة.
وعلى الرغم من كثرة الملفات الدولية الخلافية، سيُخَصَّص الجزء الأهم من القمة للاقتراح الروسي على الولايات المتحدة بالاستخدام المشترك لمحطة الرادار الأذرية.
وبحسب المسؤولين الروس، لا تعدّ موسكو التصريحات «المنفردة»، التي يدلي بها المسؤولون الأميركيون، رداً رسمياً من واشنطن. ويرى هؤلاء أن الأميركيين لم يجيبوا في تصريحاتهم عن فكرة الجانب الروسي، بل حاولوا تشويهها عبر إصرارهم على أن موسكو اعترفت بـ«الخطر الإيراني».
ويرى بالويفسكي أن الإدارة الأميركية تريد إحراج الرئيس الروسي المقبل، ووضعه أمام الأمر الواقع وإجباره على الدخول في سباق تسلّح جديد مع أميركا. ولهذا السّبب، تُقابَل هذه التصريحات الأميركية بأخرى «منفتحة» من الجانب الروسي، فلا ينفكّ وزير الخارجية سيرغي لافروف يشير إلى احتمال توصّل روسيا والولايات المتحدة إلى اتفاق على مسألة منظومة الدفاعات المضادة للصواريخ خلال اللقاء الثنائي المرتَقب.