القاهرة ــ خالد محمود رمضان
التأمت القمة الرباعية العربية ـ الإسرائيلية في شرم الشيخ أمس لإضفاء المزيد من الشرعية على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي يريد جدولاً زمنياً واضحاً لمفاوضات السلام


استغلّ رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت منصة القمة ليكافئ الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتلويح بسويسرا جديدة في الضفة الغربية «المزدهرة» وبإعلان عزمه على الإفراج عن 250 سجيناً فلسطينياً من حركة «فتح» «ممن لم تلطخ الدماء أيديهم مع التزامهم بعدم الضلوع من جديد في الإرهاب».
وقال أولمرت، الذي كان ثالث المتحدثين في القمة التي اختتمت أعمالها مساء أمس في منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر وسط إجراءات أمنية مشددة، إن هناك فرصة جديدة نشأت للنهوض بعملية السلام في الشرق الأوسط، وإنه لن يدعها تفوت، معرباً عن تفاؤله خصوصاً في هذه الأيام التي يسودها الاضطراب بخصوص نشوء فرصة جديدة للتقدم جدياً إلى الأمام بعملية السلام في المنطقة.
وقال اولمرت «نحن ملتزمون بإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل، وعلينا عدم تضييع فرصة السلام من أيدينا». وأضاف «استجابة لمطلب عباس، ستستمر إسرائيل بتزويد الكهرباء والماء والوقود والمواد الغذائية ولن نعاقب شعب غزة بسبب حكم حماس لهم». وتابع «سنساعد حكومة الطوارئ ونرفع الحواجز ونفرج عن سجناء، وسنساعد على تحسين حياة سكان الضفة الغربية وتسهيل تنقلاتهم بين المدن والقرى، وسيشعر سكان الضفة بأن أساليب أخرى غير الإرهاب والعنف ستؤدي إلى نتائج أفضل لهم».
وكان الرئيس المصري حسني مبارك قد افتتح القمة بكلمة مقتضبة أشار فيها إلى ما لمسه من توافق بين المشاركين فيها على ضرورة دعم الشرعية التي يمثلها الرئيس الفلسطيني في مواجهة «حماس».
وتجنب مبارك توجيه أي انتقادات علنية لحركة «حماس»، مشدّداً على ضرورة الحوار بين الفلسطينيين «للتوصل إلى صيغة تعايش في ما بينهم». ودعا إلى مساندة شرعية عباس وإطلاق عملية سلام جادة تقود إلى إقامة دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة.
أما أبو مازن فجدّد وصف ما حدث فى غزة بأنه «انقلاب عسكري ودموي». وشدّد على ضرورة استغلال الفرصة السانحة لإطلاق عملية السلام المتعثرة في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن «مبادرة السلام العربية توفّر الأجواء المناسبة لهذا الإطلاق».
ودعا عباس «أولمرت والشعب الإسرائيلي إلى عدم تضييع فرصة التوصل إلى سلام حقيقي يؤسس إلى قيام دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل»، مشدّداً على «التزام السلطة الفلسطينية بعملية السلام والاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، والتأكيد على وحدة الوطن والدعوة إلى إنهاء الاحتلال ووقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى ورفع الحواجز ووقف بناء الجدار الفاصل».
من جهته، طالب الملك الأردني عبد الله الثاني بضرورة مساعدة الشعبين الإسرائيلي والفلسطيني لوقف «دوامة العنف». وقال «إن الأحداث الخطيرة التي حدثت في غزة وسيطرة حماس على القطاع يجب أن تكون حافزاً لنا جميعاً لنمضي في طريق السلام».
وشدّد الملك عبد الله على أن «الفرصة اليوم ملائمة لتحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره»، مشيراً إلى أن «بديل ذلك هو ضياع سنين طويلة وشاقة من المفاوضات، وفتح الأبواب أمام أعداء السلام لفرض أجندتهم وتنفيذها على حساب شعوب المنطقة وأجيالها المقبلة».
وكان مبارك قد دشّن أعمال القمة الرباعية بمحادثات منفردة مع نظيره الفلسطيني ثم بلقاء مع أولمرت، تلاه اجتماع مع الملك الأردني.
وكان لافتاً أن اللقاء الذي عقده مبارك مع أولمرت جرى في حضور أركان الدولة المصرية وأبرز مساعدي مبارك وهم رئيس الوزراء المصري أحمد نظيف ووزراء الخارجية احمد أبو الغيط والدفاع المشير محمد حسين طنطاوي والإعلام أنس الفقي، ورئيس جهاز المخابرات عمر سليمان.
وقالت مصادر مصرية وغربية متطابقة، لـ «الأخبار»، إن أولمرت طلب من مبارك إنشاء آلية مشتركة لمراقبة الحدود البرية بين مصر وإسرائيل لوضع حد «لعمليات تهريب السلاح والتسلّل المستمرة عبر الأراضي المصرية ـــــ الفلسطينية إلى الدولة العبرية».
وقال مسؤول شارك في الاجتماعات، إن أولمرت انتقد سيطرة «حماس» على غزة وأعلن أنه التزم ضبط النفس ولم يقم بأي عملية عسكرية استجابة لطلب مبارك، لكن صبره بدأ في النفاد، وخصوصاً أنه يتعرض لضغوط من مسؤولين عسكريين وأمنيين يطالبون باتخاذ خطوات صارمة ضد «حماس».
ودعا أولمرت إلى تحرك مشترك بين إسرائيل ودول الجوار، وخصوصاً مصر والأردن لوضع حد لهذه السيطرة، محذّراً من تداعيات بروز «حماس» على الوضع الداخلي في البلدين.
في المقابل، حث مبارك أولمرت على المزيد من ضبط النفس وعدم الإقدام على أي خطوة من شأنها إرباك المساعي المبذولة لإقناع «حماس» بإنهاء سيطرتها فوراً على غزة.
يشار إلى أن أولمرت التقى بعد مبارك مع الرئيس الفلسطيني. وقالت مصادر غربية إن اللقاء اتسم «بالصراحة والحدة بعض الوقت»، مشيرة إلى أن اولمرت عاتب أبو مازن لعدم قدرته على ضبط الأمور والسماح لـ «حماس» بالسيطرة هكذا على قطاع غزة في ساعات.
وفي سياق السعي الإسرائيلي إلى خفض سقف التوقعات من القمة، نقل الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن إسرائيل لن تستطيع الاستجابة لتوقعات أبو مازن في القمة. وقالت المصادر إن «رئيس السلطة لن يحظى برؤية الأفق السياسي الذي يتوقعه».
كذلك قالت صحيفة «معاريف» إن أولمرت سيحذّر عباس في شرم الشيخ «من مغبة إعادة الارتباط بحماس، على نحو يشبه حكومة الوحدة».