غزة، رام الله ــ الأخبار
بوادر «تفاهمات» شرم الشيخ بدأت بالظهور على الساحة الفلسطينية، ولا سيما في الضفة الغربية، التي سيكون العمل المقاوم محظوراً فيها، بناءً على قرار رئاسي يدعّم موقف الرئيس محمود عباس، ويلبي المطالب الإسرائيلية

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس مرسوماً يقضي بحظر الميليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية أياً كانت تابعيتها، بالتزامن مع مطالبته بعودة «لواء بدر» من الأردن إلى الضفة الغربية، في إطار سعيه للسيطرة على المنطقة.
وحظر المرسوم على «الميليشيات المسلحة والتشكيلات العسكرية أو شبه العسكرية غير النظامية» القيام بأي نشاطات سرية أو علنية وكل من يساعدها أو يقدم أي خدمات إليها يكون عرضة للمساءلة الجزائية والإدارية، مشدّداً على أن على الحكومة إنهاء ظاهرة كلّ الجماعات المسلحة.
ودعا المرسوم الحكومة إلى تنفيذ ما نصت عليه القوانين والأنظمة من حظر حمل السلاح ومصادرة جميع أنواع الأسلحة والذخائر والمتفجرات وغيرها من الوسائل القتالية غير المرخصة وكلّ المواد التي تمثّل خطراً على النظام العام. ورأى أن «كل من يخالف أحكام هذا المرسوم يكون قد ارتكب جرماً يعاقب عند إدانته به بالعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الساري المفعول».
وفي السياق نفسه، قال مسؤولون إسرائيليون أمس إن الرئيس الفلسطيني طلب من إسرائيل السماح باستقدام «لواء بدر» المتمركز في الأردن إلى الضفة الغربية لمحاولة تعزيز سيطرته على الوضع.
وقال مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، لوكالة «رويترز»، «تقدّم الفلسطينيون بطلب أمس لنقل لواء بدر من الأردن إلى الضفة الغربية». وأضاف «يجري النظر في الطلب وسيُتخذ قرار قريباً».
ولم يؤكد رئيس حكومة الطوارئ سلام فياض الطلب أو ينفه. وأبلغ «رويترز» أنه لا يستطيع التعليق على ذلك الأمر في الوقت الراهن.
وفي غزة، قال المتحدث باسم «حماس» فوزي برهوم إن قوات بدر شأنها شأن كل الفلسطينيين يجب السماح لها بالعودة إلى أراضيها لا نشرها لقتال «حماس». وأضاف إن الحركة تأمل مجيء قوات بدر لحماية أمن الشعب الفلسطيني لا أن «يستخدمها عباس لمعاقبة حماس».
ويقدّر البعض قوام لواء بدر بأقل من ألف عنصر بمستويات تدريب عالية. ويقول آخرون إن عددهم يصل إلى ألفين. وأُلّف لواء بدر الفلسطيني في الستينات كجزء من جيش التحرير الفلسطيني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في المنفى.
ويقول محللون إن لواء بدر هو أفضل قوات فتح تدريباً وعتاداً بخلاف الحرس الرئاسي لعباس. ويعدّ لواء بدر أكثر ولاءً لـ«فتح» من قوات أخرى وله أيضاً روابط وثيقة مع الملك الأردني.
ويقضي اقتراح عباس بأن يعزز لواء بدر حرسه الرئاسي وأيضاً أجهزة الأمن الأخرى التي تهيمن عليها «فتح». وقالت مصادر إن الولايات المتحدة لم تقدّم حتى الآن معدات وتدريب للواء بدر، لكنها ساعدت على تنسيق الاستعدادات المتعلقة بنشره.
في هذا الوقت، جدّدت حركة «حماس» وحكومة الوحدة الوطنية المقالة أمس الترحيب بدعوة الرئيس المصري حسني مبارك إلى الحوار الفلسطيني. ورأى رئيس الوزراء المقال اسماعيل هنية أن الدعوة «نابعة عن وعي وتقدير لطبيعة التعقيدات الجارية على الساحة الفلسطينية، والتي لا يمكن أن تجد حلاً وعلاجاً لها إلّا من خلال الحوار».
وأبدى هنية، خلال تفقده سير امتحانات الثانوية العامة في غزة، «استعداده وجاهزيته للحوار فوراً»، منبّهاً «القيادة الفلسطينية والدول العربية الى خطورة سياسية الاستدراج التي يعتمدها (رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود) أولمرت، والتي تهدف الى شق وحدة الشعب الفلسطيني ودق الأسافين».
ووصف هنية الوعود والقرارات التي أطلقها أولمرت خلال قمة شرم الشيخ بأنها «لذر الرماد في العيون فقط». وشدّد على أن «الاحتلال ليس جاهزاً بالمطلق كي يعيد إلى الشعب الفلسطيني حقوقه، ما يؤكد أن الطريق لا تزال طويلة وأن المعركة مع الاحتلال لا تزال وعرة».
وخلال لقائه راعي الطائفة اللاتينية في قطاع غزة الأب مانويل مسلم، أعرب هنية عن رفضه القاطع لأي مساس بممتلكات المسيحيين الفلسطينيين، مشدّداً على أنهم «جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني وأنهم في وطنهم وبين أهلهم».
من جهته، شدّد القيادي البارز في حركة «الجهاد الإسلامي» نافذ عزام أن حركة الجهاد «لم تعلّق آمالاً قط على هذه القمة وغيرها»، معتبراً أن «اشتراك أولمرت فيها لم يكن بالشيء الإيجابي، ولم يكن طرفاً مساعداً أو جادّاً في تعامله مع الفلسطينيين لإنهاء الأزمة الراهنة». وقال «إن إسرائيل تحاول جاهدة استغلال حال الصراع في الساحة الفلسطينية لتعميق الانقسام»، مستدلاً بقرار الإفراج عن أسرى من حركة «فتح» بغية «إرباك الفلسطينيين وزعزعة الثقة الداخلية».
وشدّد عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر على أن القمة لم تأت بالشيء الجديد، مشيراً إلى «أن ما خرجت به هذه القمة مجرد مطالبات من الرئيس عباس لأولمرت لضرب المقاومة وعزل حركة حماس ونزع السلاح، بما لا يخدم الشارع الفلسطيني بل سيزيد من الأزمة الواقعة». ووصف الوعود الإسرائيلية في القمة بأنها «كاذبة ولن تقدّم شيئاً جديداً على الأرض».
إلى ذلك، شدّد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عزيز الدويك وأعضاء المجلس المحتجزون في سجن مجدّو الإسرائيلي أمس على وحدة الصف الفلسطيني وحماية المشروع التحرري الوطني.
ودعا المحتجزون، في بيان لهم، عباس إلى التراجع عن الإجراءات المخالفة لنصوص القانون الأساسي المعدل التي جاوزت صلاحيات المجلس التشريعي المنتخب. وشدّدوا على ضرورة وقف وتحريم الاعتداءات على الممتلكات الخاصة والعامة ووقف الاعتقالات السياسية والعشوائية خارج نطاق القانون وصيانة الحريات الفردية والجماعات ومصالح المواطنين وحرياتهم وتحريم الاعتداء عليها.
وفي القاهرة، جدّد مجلس جامعة الدول العربية، خلال اجتماعه أمس على مستوى المندوبين الدائمين، دعم عباس، ودعا إلى وقف الحملات الإعلامية فوراً لتنقية الأجواء الفلسطينية.
ميدانياً، توغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل متزامن فجر أمس في مدينتي رفح ودير البلح، جنوب ووسط قطاع غزة، وشرعت في جرف آبار مياه ومساحات من الأراضي الزراعية.
كما توغّلت قوات الاحتلال بعمق 500 متر في منطقة «أبو حمام» شرق مدينة دير البلح، وسط القطاع، وشرعت فور توغلها في عملية جرف واسعة النطاق للأراضي الزارعية في المنطقة.
وفي المقابل، طرأ ارتفاع ملحوظ في وتيرة عمليات إطلاق الصواريخ المحلية الصنع انطلاقاً من القطاع في تجاه البلدات والأهداف الإسرائيلية المتاخمة للقطاع، داخل فلسطين المحتلة عام 48، بعد حال الهدوء التي شهدتها الأيام الماضية منذ فرض حركة «حماس» سيطرتها على القطاع في 14 حزيران الجاري.