موسكو ــ حبيب فوعاني
نجحت السلطات الإستونية بسرعة خارقة وغير متوقعة بنقل تمثال «المحارب السوفياتي المحرِّر»، الذي تم تفكيكه في وسط العاصمة الإستونية تالين في ليل 27 نيسان الماضي، وأعادت نصبه في المقبرة العسكرية في أطراف المدينة يوم الاثنين.
وانتهت أعمال التنقيب عن رفات المحاربين السوفيات المدفونين عند التمثال والتعرف إليها في 1 أيار الجاري، تمهيداً لإعادة دفنها، ما سمح للأجهزة الأمنية الإستونية باستعادة سيطرتها على الوضع في المدن الإستونية بعد الأعمال العنيفة احتجاجاً على تفكيكه في نهاية الأسبوع الماضيغير أنه، على الرغم من الهدوء النسبي المستتب في إستونيا، يبدو أن معارضي نقل التمثال لا ينوون التخلي عن مواجهاتهم مع السلطات الإستونية.
وفي هذا الإطار، بدأت حملة «الزمور» في تالين الاثنين، ولا تزال مستمرة، حيث يعطّل السائقون حركة السير رغم جهود رجال الشرطة لمنعهم من ذلك وفرض غرامات عليهم.
أما في موسكو، فلا يزال أعضاء حركتي «ذوونا» و«الحرس الفتي» الشبابيتين، المواليتين للكرملين، يحاصرون السفارة الإستونية ويعوقون حركة الدبلوماسيين فيها. وقام أحدهم يوم الثلاثاء بنزع العلم الإستوني المرفوع أمام السفارة، كما منع المحتجون الأربعاء السفيرة الإستونية مارينا كاليوراند من البدء بمؤتمرها الصحافي في مبنى صحيفة «أرغومينتي إي فاكتي» في وسط موسكو لمدة ساعة، ما اضطر حراس السفيرة إلى استخدام الغاز لحمايتها قبل أن تحضر تعزيزات من قوات الأمن الروسية الخاصة وتعتقل عشرة من أعضاء حركة «الحرس الفتي» بتهمة محاولة الاعتداء على السفيرة.
وقد امتنعت السفارة عن تقديم الخدمات القنصلية، بما في ذلك منح التأشيرات، «إلى حين بسط السلطات الروسية النظام الملائم». بينما اتهم الرئيس الإستوني روسيا بخرق اتفاقيات فيينا حول العلاقات الدبلوماسية وبممارستها «الإرهاب النفسي» على الدبلوماسيين الإستونيين.
ودعا محافظ موسكو يوري لوجكوف، في عيد العمال، رجال الأعمال الروس إلى قطع علاقاتهم التجارية بإستونيا، التي «كشفت عن وجهها الفاشي».
وقد تدخل الاتحاد الأوروبي لتسوية الخلاف بين الطرفين، حيث دعا كل من المنسق الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد خافيير سولانا، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل، الطرفين إلى إظهار الاعتدال وتجنب العنف.
وذكرت المحللة الروسية الليبرالية يفغينيا ألباتس أن لهذا النزاع، الذي استفزه رئيس الوزراء الإستوني أندروس أنسيب، جذوراً اقتصادية، تعود إلى ارتفاع أسعار أراضي وسط العاصمة تالين حيث كان يقع التمثال.