بغداد ـــ الأخبار
أنهى قرار الحكومة بإعلان الثالث من تشرين الأوّل من كل عام عيداً وطنياً للعراق، الجدل الدائر في أروقة السياسيّين وبين المواطنين حول هذا الموضوع الحسّاس.
ففي مثل هذا اليوم من عام 1932، قُبل العراق عضواً في عصبة الأمم ليصبح العضو الرقم 57 فيها، وانتهى الانتداب البريطاني عليه، والذي بدأ منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، بعد إعراب ممثّل العراق عن رغبة بلاده في العمل بموجب العضوية، مثلما تنصّ المادة الثانية من ميثاق العصبة.
وثار جدل بعد سقوط النظام «البعثي» عام 2003، حول تحديد اليوم الذي سيكون عيداً وطنياً، إذ قرّر مجلس الحكم أن يكون التاسع من نيسان، وهو يوافق يوم سقوط النظام السابق واحتلال العراق، «يوماً وطنياً»، لأنّه «أنهى حقبة دكتاتورية».
واعترض العديد من الشخصيّات السياسيّة والدينيّة على هذا الموعد، معتبرين أن هذا التاريخ يجسّد تاريخ احتلال العراق. ونتيجة لهذه الضغوط، تقرّر أن يكون الرابع عشر من تموز، وهو يوافق ذكرى ثورة عبد الكريم قاسم عام 1958 عيداً وطنياً، إلّا أنّ الحكومة ارتأت فيما بعد أن يكون في الثالث من تشرين الأوّل.
وكان العراق يحتفل قبل عام 2003 بيومه الوطني في 17 تموز، وهو ذكرى استحواذ مجموعة من الضبّاط وقادة حزب «البعث» على السلطة في عام 1968، بعد انقلابهم على حكومة الرئيس الأسبق عبد الرحمان عارف.
وفي تعليق على التحديد الجديد لـ «معنى» اليوم الوطني، قال النائب عن كتلة «الفضيلة» في البرلمان العراقي، باسم شريف، إنّه «تمّ اختيار هذا اليوم لأنّه يمثّل رمزية معينة هي انتهاء الانتداب ودخول العراق في عصبة الامم»، مشيراً إلى أنّ الخلاف «في الرؤى والأفكار موجود لدى البعض حول موضوع العيد الوطني»، وموضحاً أنّ «مسألة العيد الوطني تعدّ من الكماليات، ونحن بحاجة في هذه الأيّام إلى قرارات أكثر تماساً مع حياة المواطن».
ومن جهته، رأى النائب عن «التحالف الكردستاني» محمود عثمان أنّ الحكومة تسرّعت بإعلانها لهذا اليوم، اذ كان يجب عليها عرضه على البرلمان.
وقال إنّ «غالبيّة النوّاب فجئوا بهذا الاعلان، إذ إنّ هذا الامر مهم جداً، وقد يخضع لاستفتاء شعبي».
أمّا المواطنون العراقيّون فقد تباينت آراؤهم في المسألة، ففي الوقت الذي رحّب فيه البعض على قاعدة أنّ «اليوم الوطني هو من الأيّام المهمّة في حياة الشعوب، وأنّ اختيار يوم تخلّص الشعب من الانتداب البريطاني اختيار موفق، وأنّ العديد من مواطنيه يتذمرون من احتلال بلدهم»، قال آخرون إنّ «هناك أياماً أخرى أجدر بتمثيل السيادة الوطنيّة مثل 14 تمّوز، أو الانتظار لحين خروج القوّات الأميركيّة ليكون ذلك بحقّ عيداً وطنياً لجميع العراقيين»، موضحين أنّ «المواطن العراقي أصبح يركّز جلّ اهتمامه على الوضع الامني، وما سيكون عليه مستقبل العراق».
يذكر أنّ العراق كانت تحتلّه القوّات البريطانية خلال الفترة الممتدّة من عام 1914 لغاية 25 نيسان عام 1920، حين أُعلن بعدها الانتداب البريطاني على العراق وفلسطين من جانب المجلس الأعلى في مدينة سان ريمو تنفيذاً لاتفاقية «سايكس بيكو»، الموقّعة في أيّار من عام 1916.
استمرّ الانتداب البريطاني حتّى الثالث من تشرين الأوّل عام 1932، بعد إبرام معاهدة 1930 التي أقرّت إنهاء الانتداب وانضمام العراق إلى عصبة الأمم المتحدة بحلول عام 1932.