لتُطرح أسئلة جديدة
«هآرتس» ـــ تسفي برئيل

ما الذي يعرفه مجلس الأمن القومي عن القائد السوري بشار الأسد ولا يعرفه الآخرون؟ من أين جاء هذا الاصرار الذي قال فيه المجلس إنه يريد التوصل الى السلام بالفعل؟ ماذا يعرف وزير الدفاع الاميركي، روبرت غيتس، عندما يصرح بأن التحركات الدبلوماسية ضد ايران تتقدم جيداً؟ ما الذي وجدته وزيرة الخارجية، تسيبي ليفني، فجأة في المبادرة السعودية؟
ذلك لأن هؤلاء الاشخاص والهيئات لم يحصلوا على أي معلومات جديدة وسرية. لا برقية من الأسد أو أحمدي نجاد، والسعودية تحلق في أجواء المنطقة منذ خمس سنوات. لذلك يُساورنا الشك بأن لقب «صانعي القرار» الرسمي هذا قد امتلأ بالمضمون فجأة. هم مستعدون لتغيير الواقع بدلاً من الرد عليه. دفع المسار الدبلوماسي بدلاً من شن الحرب.
هذا مجرد شك الآن. إغراء الدهشة والاستغراب كبير، خصوصاً بعدما سعوا الى تكريس كتاب التعليمات البافلوفي في الجمهور وتثبيته، ومفاده أنه من الأفضل المسارعة الى التأكد من العضلات الاسرائيلية والاميركية بعد كل زحزحة وتحرك سياسي عربيين؛ فالأسد، بحسب اعتقادهم، لا يستطيع إلا أن يرغب في الحرب، ولا يمكن ايران إلا أن تفجر العالم، والمبادرة العربية تهدف الى إلقاء اللائمة على اسرائيل. من هنا ايضاً النتيجة المحددة مسبقاً: في مواجهة سوريا ـــ حرب مقبلة في الصيف، وفي مواجهة ايران ـــ القنبلة النووية، وفي مواجهة الفلسطينيين ـــ المزيد من الاغتيالات وقصف الأنفاق ورفض أي حوار مع حماس بالتأكيد.
الخصوم هم الذين بادروا الى الخطوة الاولى في كل هذه الامور. وهم يقومون ببث الشعار الفارغ «ليس هناك حل عسكري فقط»، إلا أنهم يدججون القوات بالسلاح ويُجهزونها للحرب. المعادلة كانت: علينا أن ننتصر أولاً، ثم نتفاوض. أولاً نستنفد امكان الحل العسكري، ثم ننتقل الى الحل الدبلوماسي الذي يبتعد في الأفق.
زيارة ليفني للقاهرة وقدوم وفد الجامعة العربية الى اسرائيل، والجهود الدبلوماسية الاميركية المتواصلة ضد ايران، وإعادة النظر في نيات سوريا، قد تُغير هذه المعادلة. لكن الاسئلة الاعتيادية سرعان ما ترفع رأسها: كيف سنرد على القسام؟ وعلى تهديدات حزب الله وتهديدات الأسد الخفية؟ ماذا عن القدرة النووية الايرانية؟ هذه الاسئلة يجب أن تُستبدل هي الاخرى بأسئلة جديدة تكون نابعة من المبادرة الجديدة.
على سبيل المثال، كيف سيرد حزب الله اذا بدأت اسرائيل بالتفاوض مع سوريا؟ وكيف سترد سوريا اذا حاورت واشنطن ايران مباشرة وتوصلت معها الى تسوية تكتيكية؟ وكيف سترد ايران اذا خرجت سوريا من محور الشر؟ وماذا ستقول عصابات غزة اذا حدثت أعجوبة فجأة ودعت اسرائيل اسماعيل هنية إلى إجراء مباحثات ورفعت الحظر عن السلطة؟
الجواب المحتمل هو أن حزب الله قد لا يتوقف عن التهديد، إلا انه سيفقد رديفه الخلقي واللوجستي ويتوقف عن كونه تهديداً استراتيجياً. سوريا لن تقطع علاقاتها مع ايران، لكن ايران لن تستطيع القيام بتحركات في لبنان. ايران لن تتوقف عن مشروعها النووي، لكن المحادثات المباشرة مع اميركا، وربما الاتفاق أخيراً، ستُغير من دافعها لاستخدام التكنولوجيا النووية لأغراض هجومية.
وعصابات الشوارع في غزة ستواصل محاولاتها لإدخال السلاح من مصر، والقسام لن يتوقف عن الانهمار، إلا أن قدرة السلطة على الامساك بزمام الامور ستتوسع والرفاه الاقتصادي لدى الجمهور الفلسطيني سيتحول الى ورقة مساومة حقيقية.