الجزائر ـــ حياة خالد
أنهت الأحزاب السياسية في الجزائر حملتها الانتخابية، وتستعد لخوض غمار الانتخابات التشريعية الخميس المقبل، في ظلّ هواجس الفساد ومفاعيل التفجيرات التي هزّت البلاد في الشهر الماضي.
وفيما تواصل الجالية الجزائرية في الخارج عملية التصويت التي بدأت هذا الأسبوع، يلاحظ في هذا الاستحقاق، الذي وُصف بأنّه «مسرحية من دون جمهور»، غياب المواطن الجزائري وعدم تفاعله معه، رغم النداءات السياسيّة المتتالية التي أطلقها 24 حزباً وأكثر من 100 قائمة حرّة، ابتكر كل منها وعوداً خيالية، لعلمه جيداً بأن مفاتيح حلّ مشاكله ليست في يد المتنافسين على قبّة البرلمان، لأنّهم لا يملكون الصلاحيات الكافية، والشيء الوحيد الذي يملكونه هو تحسين أوضاعهم المادية من خلال الامتيازات التي تمنح لهم.
والملاحظ أيضاً طوال حملة الترويج الانتخابي، انعدام البرامج الهادفة والمقنعة والمستقلّة لدى الأحزاب، وتبنّيها كلّها لبرامج الرئيس عبد العزيز بو تفليقة، ولخطاب واحد عزفت فيه على أوتار المصالحة الوطنية، وهو ما يصعّب التفريق بينها ويطرح التساؤل عن جدوى وجودها إذا كانت لا تملك الخصوصية ولا تؤمن بتنويع البرامج وخلق جوّ من المنافسة الديموقراطية.
وتسيطر الإجراءات الأمنيّة المشدّدة على كل أوجه الحياة العامّة في العاصمة الجزائريّة؛ فالشوارع لا تخلو من رجال الأمن ولا تسلم أيّ سيارة يشتبه فيها من التفتيش، ويُمنع توقّف السيارات في الأمكنة غير المخصصة لذلك وإلا «أعذر من أنذر».
وتأتي الإجراءات المذكورة على خلفية تفجيرات 11 نيسان الماضي، والتي ضربت مؤسّستين محصّنتين هما قصر الحكومة ومركز للشرطة، موديةً بحياة 30 شخصاً على الأقل. وكان المراقبون قالوا إنها تستهدف ضرب مؤسّسات الدولة وخلق التوتر مع اقتراب موعد الانتخابات.
والملاحظ أيضاً، مع اقتراب الموعد الانتخابي، هو انقسام قادة «الجبهة الإسلاميّة للإنقاذ»، التي انشقّت عنها الجماعات المسلّحة في تسعينيّات القرن الماضي؛ إذ دعا معظمها إلى مقاطعة الاستحقاق المقبل على أساس أنه يهدف إلى تثبيت السلطة الحاكمة التي ساهمت في الأزمة التي تعيشها الجزائر، بحسب بعض القادة المقيمبن في الخارج، والذيبن لا يزالون يرفضون إلغاء المسار الانتخابي لعام 1992، عندما فازت «الجبهة» بغالبيّة الانتخابات التشريعية. أما القادة الباقون في التنظيم، فإنّهم ينادون بالتصويت القوي في هذا الاقتراع، متّهمين الداعين إلى المقاطعة بأنهم أعداء للمصالحة الوطنية.
أما بشأن هاجس التزوير، فإنّ الإدارة الجزائرية تحاول القضاء على هذه الظاهرة التي أصبحت ثقافة قائمة بذاتها في البلاد، حيث تم إنشاء لجنة سياسية وطنية لمراقبة العمليّة، تقودها شخصية قانونية عملت طيلة الحملة الإنتخابية على مراقبة تصرّفات المرشحين وضمان عدم التجريح في الأشخاص مثلما هو معتاد، ودعت الأحزاب السياسية إلى البقاء في مكاتب التصويت لتراقب سير الاقتراع، وهذا من أجل تحميل هذه الأحزاب مسؤولية ما يجري. وذلك كلّه، إلى جانب الإتاحة للأحزاب جميعها، وبحسب قانون الانتخابات، أن تتقدّم بالطعون لدى المجلس الدستوري، وهو الهيئة المخوّلة الفصل في نتائج المشكوك بها.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الساحة الجزائرية لا تنتظر «مفاجأة» من الطبقة السياسية، بحكم اعتيادها على حصول الحزب العتيد، وهو «الأفلان»، على الغالبية، أو «الأرندي»، وهو حزب السلطة أيضاً، فيما تتقاسم المجموعات المتبقية، والمتمثّلة بـ «حركة حمس» و«حزب العمال»، وهو الحزب الوحيد الذي يمارس المعارضة نوعاً ما، على الحصص المتبقيّة.
وبعد تفكك حزب «الإصلاح» والأزمة الداخلية الخانقة التي عرفها، قد يحصل حزب «الأرسدي» على عدد هام من المقاعد، وهو حزب «أمازيغي» لم يشارك في الانتخابات منذ عام 1997، ويُعد هو الآخر حزباً معارضاً.