باريس ــ الأخبار
في اليوم نفسه الذي أعلنت فيه تشكيلة الحكومة الفرنسية الجديدة، عُقد أول مجلس وزاري برئاسة نيكولا ساركوزي، وأمامه جدول أعمال دسم يتناول وضع الخطوط العريضة لمجموعة ورش عمل لبعض «الوعود الانتخابية» مثل الأمن والبطالة ومعاشات التقاعد والتعليم، بالإضافة إلى اتخاذ بعض القرارات المتعلقة بشركة «EADS» المصنّعة لطائرات «إيرباص».
إلا أن تأليف حكومة ساركوزي ــــــ فييون الأولى ما زال يجلب الكثير من التعليقات من مختلف الجهات ومن عامة الشعب، الذي يكتشف أن التنبؤات بالانفتاح على اليسار والوسط التي طفحت على سطح الوسائل الإعلامية وروج لها فريق ساركوزي، لم تكن سوى فقاعات صابون رغم أنها ساهمت في خلخلة الحزب الاشتراكي وزعزعة الحزب الجديد لفرانسوا بايرو؛ إذ إن الحكومة الجديدة المؤلفة من خمسة عشر وزيراً أصيلاً وثلاثة بمناصب سكرتير دولة ومفوض واحد، لم يدخلها إلا وزير «اشتراكي» واحد هو برنار كوشنير (وزارة الخارجية) ووزير واحد من الوسط هو هيرفي موران في وزارة الدفاع. وهاتان الوزارتان تدخلان ضمن «حقل اختصاص رئيس الجمهورية عرفاً وممارسةً» ولا يستطيع الوزراء إلا تطبيق السياسة التي يخطها ساركوزي حصراً، بالإضافة إلى أن الرئيس أعلن تأليف «مجلس أمن قومي» للتخطيط للسياسة الخارجية تحت إشراف الإليزيه.
أما «الخائن» إيريك بيسون، كما باتت تسميه بعض الصحف لطعنه المرشحة اليسارية سيغولين رويال خلال الحملة الانتخابية وانتقاله لمؤازرة مرشح اليمين، فلا يراه المراقبون في عداد «وزراء الانفتاح» بل لا يتردد البعض بوصفه «وزير الانغلاق».
ورغم ذلك، تحوي أصغر حكومة فرنسية حتى اليوم الكثير من «الجديد»؛ فجديد أن يتم توزير سبع نساء في مناصفة تقريبية لعدد الرجال. كذلك جديد توزير رشيدة داتي، وتعيين مارتان هيرش رئيس مؤسسة «إيمايوس» الاجتماعية التي أنشأها الأب بيار المتوفى هذه السنة مفوضاً برتبة وزير لشؤون التضامن ومحاربة الفقر.
لكن، يرى بعض المراقبين أن تشكيلة الوزارة برمّتها، بخلاف هذا «الجديد»، لا تشكل جديداً بالمعنى السياسي، فهي تعكس موازين القوى داخل الحزب اليميني «تجمّع الأكثرية الشعبية»، ولا تعبر عن تغيير كبير إلا إذا كان هذا التغيير في طريقة إدارة سياسة الحكومة على يد فييون بدعم كبير من ساركوزي.
وتشير التشكيلة إلى حضور قوي لمن يمكن وضعهم في خانة «الشيراكيين»، وعلى رأسهم ألان جوبيه الذي يحتل الموقع الثاني في الحكومة برتبة وزير دولة ويمسك بحقيبة وزارة كبيرة إلى جانب ميشال أليو ماري التي انتقلت من وزارة الدفاع إلى وزارة الداخلية. وكذلك الناطقة السابقة باسم الحزب فاليري بيكريس، التي تسلمت وزارة التعليم العالي والأبحاث، وهي كانت من المقربين إلى جاك شيراك. كذلك، لا يمكن اعتبار جان لوي بورلوو وزير الاقتصاد والمال والعمل من «أتباع ساركوزي»، فهو فاوض كثيراً وفرض شروطه قبل الوقوف وراءه في الانتخابات الماضية، وكان من المرشحين المفضلين لدى شيراك لرئاسة الحكومة.
وحتى رئيس الحكومة فرانسوا فييون، الذي كان رئيس الحملة الانتخابية لساركوزي، فقد كان من المقربين إلى شيراك قبل أن «يستبعده دومينيك دوفيلبان» من حكومته، كما هو الأمر مع وزير التربية الوطنية كزافيه داركوس.
إلا أن ساركوزي أدخل «فارسين له» في الحكومة ممن يدينون له بالولاء الأعمى، وهما بريس هورتوفو، الذي تسلم وزارة «الهجرة والاندماج والهوية الوطنية والتعاون من أجل النمو»، بينما وضع «الرجل الصاعد نجمه» روجيه كارتوشي سكرتير دولة لشؤون الاستقبال وتقدير سياسة الدولة. ويتبين من «تسمية الوزارتين الفضفاضة» أن صلاحياتهما مطاطة بدرجة يمكنها التدخل في شؤون العديد من الوزارات الأخرى، وفي هذا نوع من التوازن الذي يقيمه الرئيس الجديد لمحاولة الاحتفاظ بالمبادرة داخل الحكومة.