عُيّن وزير الخارجيّة القطري، حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني، رئيساً لحكومة بلاده، أمس، خلفاً لعبد الله بن خليفة آل ثاني، في خطوة مثّلت ترقية منطقيّة لمهندس النهج الدبلوماسي القطري، والموجّه الأساسي للسياسة الخارجية للإمارة الخليجيّة.ولم يتمّ الكشف عن أيّ سبب مباشر لاستقالة عبد الله بن خليفة، وهو الأخ الأصغر للأمير حمد بن خليفة والمتولّي المنصب منذ عام 1996، إلّا أنّ شائعات سرت منذ أشهر في الدوحة حول خطوة كهذه.
وذكرت وكالة الأنباء الرسميّة القطرية أن الأمير حمد بن خليفة آل ثاني قبل استقالة عبد الله وأصدر مرسوماً بتأليف حكومة جديدة برئاسة حمد بن جاسم، على أن يحتفظ بمنصبه كوزير للخارجية، كما احتفظ معظم وزراء الحكومة المستقيلة، وبينهم امرأة، بحقائبهم في مجلس الوزراء الجديد.
وفيما عيّن حمد بن خليفة رئيس الوزراء المستقيل مستشاراً خاصاً له بدرجة رئيس مجلس وزراء، استحدث في مجلس الوزراء الجديد منصب وزير دولة لشؤون الطاقة والصناعة، وأسند هذا المنصب إلى محمد صالح السادة. بينما احتفظ عبد الله بن حمد العطية بمنصب وزير الطاقة والصناعة إلى جانب منصب نائب لرئيس مجلس الوزراء بعدما كان نائباً ثانياً في المجلس المستقيل.
ويُعتبر رئيس الوزراء الجديد مهندس الدبلوماسيّة القطريّة، التي استطاعت إيجاد دور محوري وفعّال للبلد الصغير من خلال التعاطي مع جميع الأطراف الدوليّة بأسلوب متناسق، وشقّت الطريق الصعب على صعيد معضلات الشرق الأوسط، فلسطينيّاً أو حتّى لبنانيّاً.
ويرى مراقبون قطريّون وأجانب أنّ تعيين حمد بن جاسم لم يكن مفاجئاً، ويتلاءم مع التغييرات التي تشهدها هذه الدولة الخليجية الصغيرة ذات الحيويّة الاقتصاديّة والسياسيّة.
وقال المحلّل السياسي القطري عبد الحميد الأنصاري إن هذا التعديل الوزاري يشكّل «تكريساً لأمر واقع ويتناسب مع طبيعة التحوّلات التي تعيشها هذه الدولة الصغيرة ذات الحراك الاقتصادي والسياسي اللافت»، مضيفاً أنّ «هناك تحولات سياسية واقتصادية واجتماعية في قطر» دفعت أمير البلاد الى هذا التعديل.
وأشار المراقبون إلى استحداث منصب وزير دولة لشؤون الطاقة والصناعة «في ظل التوسّعات الكبيرة التي تشهدها مشاريع الغاز في قطر» وتعيين وزير النفط عبد الله العطية نائباً مباشراً لرئيس الوزراء الجديد بمهمات تتجاوز الملفات الاقتصادية.
ويتولّى رئيس الوزراء القطري الجديد، وهو رجل أعمال مهم، مهمات عديدة أخرى، من بينها رئاسة مجالس إدارات شركات ومؤسّسات ضخمة مثل الخطوط الجوية القطرية وهيئة الاستثمار الخارجي ومجموعة «ديار» العمرانية.
والشيخ حمد (48 عاماً) معروف بصراحة غير معهودة في الدبلوماسية العربية، وينتهج سياسة واقعية لا يتردّد في إطارها عن الإعلان عن مواقف حسّاسة. كما درج على التقاء مسؤولين إسرائيليين، ما وضعه في مواجهة انتقادات حادّة.
ويدافع حمد، الذي تثير تصريحاته جدلاً باستمرار، بقوّة عن السياسة الخارجية لبلاده التي تُتّهم أحياناً بأنّها تغرّد خارج السرب أو تلعب أدواراً أكبر من حجمها.
وكان حمد قد قدّم رؤية شاملة لسياسة بلاده الداخلية والخارجية في محاضرتين بمناسبة افتتاح معرض «مشروع قطر 2007» لأدوات البناء مساء الإثنين، وحول «دور المواطن في بناء المجتمع حاضراً ومستقبلاً» في مهرجان الدوحة الثقافي السادس الأحد الماضي، وشدّد على أنّ «التطوّر الديموقراطي في قطر مستمرّ وسيشمل المجلس البلدي من دون شك».
(أ ب، يو بي آي، أ ف ب)