موسكو ـــ حبيب فوعاني
احتدم الصراع السياسي في أوكرانيا، أمس، بعد تأكيد الرئيس فيكتور يوتشينكو على قراره حلّ البرلمان، في وقت أعرب فيه رئيس وزرائه فيكتور يانكوفيتش عن استعداده تقديم تنازلات لاستدراك انزلاق الأمور. وفيما اتّهم البرلمان يوتشينكو بالقيام بـ«محاولة انقلاب على الدولة»، تتّجه الأنظار الآن نحو المحكمة الدستورية التي يفترض أن تبتّ خلال شهر في صلاحية المرسوم الرئاسيونقلت وكالة «نوفوستي» الروسيّة للأنباء عن يانكوفيتش قوله، أمام جلسة للحكومة، أمس، إنه مستعدّ للقبول بحلّ وسط مع يوتشينكو في حال إلغاء المرسوم الرئاسي الخاص بحل البرلمان، وتشديده على استعداد الحكومة للنظر في الاقتراح الخاص للرئيس بإنشاء لجنة دستورية وصياغة نص جديد للقانون المتعلّق بمجلس الوزراء والتثبيت القانوني لميثاق «الوحدة الوطنية».
أمّا أوساط الرئاسة الأوكرانيّة فقد أعربت من جهتها عن إصرار يوتشينكو على رفض الحديث إلى جماعة من المشرّعين من الغالبية البرلمانية الموالية لرئيس الوزراء. وقال نائب رئيس المكتب الرئاسي فيكتور بوندار للمشرعين إنه «كان بإمكانهم (المشرّعين) أن يطلبوا عقد هذا الاجتماع إذا كانوا أعضاء في البرلمان».
وكان يوتشينكو قد جدّد، في مقال نُشر في صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، أمس، دفاعه عن خطوته في حلّ البرلمان وتنظيم انتخابات مبكرة، على قاعدة أن الأزمة في البلاد كانت تحتم “ردّاً حازماً وفورياً”. وأعلن يانكوفيتش، أمس، أنّ المحكمة الدستورية الأوكرانية التي ستتولّى إثبات مطابقة مرسوم الرئيس الأوكراني بحلّ البرلمان مع الدستور، قد تبقى من دون رئيس، بعد أن قدّم رئيسها إيفان دومبروفسكي استقالته أمس.
وشدّد يانكوفيتش على أن التحضيرات للانتخابات البرلمانية المبكرة لن تبدأ قبل صدور قرار المحكمة الدستورية، موضحاً أنّه «لا يوجد أي شك في أن هذا القرار والمرسوم الرئاسي الخاص بحلّ البرلمان مخالفان للدستور».
وكان يانكوفيتش قد التقى في كييف، أمس، سفراء بلدان الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الثماني الكبرى. وشدّد خلال اللقاء على عزم حزبه المشاركة في الانتخابات البرلمانية المبكرة في حال إجرائها، معرباً عن ثقته في قدرة حزبه على الفوز في هذه الانتخابات. وقال «سنتوجّه إلى الانتخابات إذا وجدنا أنفسنا مضطرين إلى ذلك. نحن لا نخشى الانتخابات».
وفيما انتشرت شائعات حول نيّة يوتشينكو إعلان حالة الطوارئ في البلاد، تبنّى «الرادا» في اجتماع عقده أمس قراراً يتّهم فيه يوتشيكنو بالقيام بمحاولة انقلاب على الدولة.
وجاء في قرار البرلمان أنّ «المرسوم الذي وقّعه رئيس أوكرانيا، القاضي بإنهاء صلاحيات مجلس الرادا الأعلى الأوكراني، يتسم بطابع غير دستوريز وقد ارتكب رئيس الدولة، بعدم مطابقة خطوته مع الدستور وبالذات مع مادته الـتسعين، جريمة استغلال المنصب التي تصنّف كمحاولة انقلاب دولة».
وقد أفزعت أحداث كييف القارّة الأوروبيّة، التي تتلقى 80 في المئة من وارداتها من الغاز عبر أوكرانيا، ودعت اللجنة الأوروبية القوى السياسية إلى «إيجاد حل للوضع بوسائل سلمية».
وفي السياق، اعتبر زعيم الحزب الشيوعي الروسي غينادي زيوغانوف أن ما يجري في أوكرانيا مرتبط باندلاع الموجة الثانية من «البرص البرتقالي»، وأن الأزمة السياسية في هذا البلد حدثت بسبب القوى التي تصرّ على انضمامه إلى حلف شمالي الأطلسي.
وأضاف زيوغانوف أنّ «يوتشينكو وتيموشينكو مستعدّان لدفع أيّ ثمن من أجل الاحتفاظ بما بقي لهما من النفوذ. وهما أداتان بيد حكومات البلدان الغربية، وفي مقدمها الولايات المتحدة».
في هذا الوقت، تظاهر نحو 10 آلاف أوكراني في كييف احتجاجاً على قرار يوتشينكو حل البرلمان، وتجمّعوا في الساحة الرئيسية للعاصمة، التي احتضنت “الثورة البرتقالية” في نهاية 2004، وهتفوا “ليسقط يوتشينكو” رافعين الأعلام الزرقاء لحزب “المناطق” وتلك الزهرية للحزب “الاشتراكي”، في مشهد يذكّر بمئات الآلاف الذين هتفوا قبل سنتين في الساحة نفسها “يوتشينكو نعم”.