بقيت الجزائر تحت صدمة الاعتداءات الثلاثة التي تعرّضت لها عاصمتها أوّل من أمس، والتي أدّت في حصيلة جديدة إلى 33 قتيلاً و222 جريحاً. وفيما تسعى الحكومة لبذل جهود لتهدئة الأجواء تمهيداً للانتخابات البرلمانيّة في الشهر المقبل، خيّمت هواجس عودة «السنوات السوداء» الإرهابية التي عصفت بالبلاد في تسعينيّات القرن الماضي.وندّدت الصحف الجزائرية أمس بالهجمات، مشبّهةً إيّاها بهجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة و11 آذار في إسبانيا. ورأت صحيفة «ليبرتيه» أنّها «أيقظت شياطين العنف الذي اعتقدنا أنه تم احتوائه».
وبدورها، وجّهت صحيفة «لكسبرسيون» الأنظار إلى خشية السلطات الجزائريّة من شن هجمات «إرهابية» على السفارات الأجنبية أو المراكز الاقتصادية الهامّة فى البلد، موضحةً أنّه، بصدد هذا التخوّف، رفعت أجهزة الأمن في حالة التأهب القصوى لمواجهة أي حوادث طارئة.
وفي إطار السعي نحو تهدئة البلاد المتوجّهة نحو انتخابات تشريعيّة في 17 أيّار المقبل، شدّد رئيس الحكومة الجزائرية عبد العزيز بلخادم، في كلمة وجهها عبر التلفزيون الرسمي ليل أوّل من أمس، على أن الانتخابات المزمعة ستنظّم في وقتها رغم التفجيرات، وأنّ «هؤلاء (من يقفون وراء التفجير) لن يصلوا إلى أغراضهم».
وقال بلخادم، الذي يقود حزب «جبهة التحرير الوطنيّة» الفائز بغالبيّة المقاعد البرلمانيّة في انتخابات عام 2002، إنّ الرئيس عبد العزيز بوتفليقة اجتمع مع كبار المسؤولين الأمنيين بعد التفجيرين واتُخذت قرارات تهدف إلى وقف العنف في البلاد.
أما في الدار البيضاء، التي تعرضت لأربعة تفجيرات انتحارية أودت بحياة منفذيها، فقد اعتقل شخصان أمس في حيّ الفرح حيث فجّر الانتحاريون عبواتهم الثلاثاء الماضي، بعد تنظيم الشرطة الحواجز في الحي الذي دبّ الذعر في صفوف سكانه.
وأوضحت مصادر أمنيّة أنّ «أحدهما اعتقل بعد دخوله منزلاً هدّد سكّانه بتفجير نفسه إذا لم يقدموا له الطعام، إلّا أنّه لم يكن يحمل شحنة ناسفة وقد سيطرت عليه الأجهزة الأمنية التي تقوم باستجوابه»، في وقت أعلنت فيه الشرطة اعتقال شخص آخر، موضحةً أنّ ذلك يأتي في إطار «عملية مراقبة روتينية».
إلى ذلك، ولّدت الاعتداءات في البلدين المغربيّين أصداء رعب في أوروبّا، حيث أعلن قاضي التحقيق الإسباني بالتسار غارثون، في حديث الى صحيفة «لافانغارديا» الإسبانيّة أمس، أنّ اسبانيا، وخصوصاً بعد تفجير الجزائر، مهدّدة بالتعرّض «لاعتداء إسلامي» وخصوصاً مدينتي سبتة ومليلية المحاذيتين للقارّة الأفريقية.
وفي فرنسا، رأى وزير الداخلية فرانسوا باروان أمس أنّ هجمات الجزائر تؤكد أنّ «فرنسا تقع تحت تهديد الأعمال الإرهابية». ودعا إلى «توخّي أقصى درجات اليقظة والحذر».
وتأتي خشية باروان بعد تحذير أطلقه مرشح أقصى اليمين في انتخابات الرئاسة المقبلة جان ماري لوبن أوّل من أمس، رأى فيه أنّ الهجمات في الجزائر والمغرب تظهر أنّ فرنسا «تجلس على برميل بارود».
(أ ف ب، يو بي آي، د ب أ، رويترز)