يمتد الصراع الطائفي في العراق الى داخل مؤسسات الدولة. ومن بين هذه المؤسسات جهاز الاستخبارات الذي يعاني انقساماً غير معلن في الهيكلية الادارية على خلفية مذهبية. فقد كشفت صحيفة «لوس أنجلس تايمز» أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، التي تمول الوكالة الوطنية للاستخبارات العراقية، «تتخوف من تشكل وكالة سرية موازية تعمل في ضوء أجندة شيعية، وهو أمر أشعل نزاعاً استخبارياً» داخل جهاز الاستخبارات العراقي.وتنقل الصحيفة، في تقرير، عن مسؤولين اميركيين قولهم إن وزير الدولة لشؤون الأمن الوطني شيروان الوائلي «شيّد جهازاً تجسسياً يصل عدد أفراده إلى 1200 عميل».
ويقول مسؤول شيعي، بحسب الصحيفة نفسها، إن الوائلي «يسعى إلى جمع معلومات عن تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين وأعضاء حزب البعث المنحل، بعد فشل الوكالة العراقية الوطنية للاستخبارات، التي أسستها سلطة الائتلاف المؤقتة أيام الحاكم المدني بول بريمر ورأسها الضابط السني محمد الشهواني».
وبحسب الصحيفة الاميركية، فإن الاستخبارات العراقية مرتبطة برئيس الوزراء نوري المالكي «لكن بعض أعضاء حكومة المالكي لا يثقون بها».
وتنسب الصحيفة الى النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي خالد العطية قوله إن رئيس الاستخبارات «يشعر بأن وكالته لا تمارس عملها في أجواء سليمة».
ويخشى خبراء ومحللون من أن تنقسم الاستخبارات العراقية الى «وكالتين طائفيتين تخدمان حرباً أهلية»، ما لم تتوصل الأطراف السياسية إلى اتفاق على كيفية إدارة البلاد.
وقد ساهمت ممارسات الشهواني في تعقيد الأمور، اذ لاحقت الاستخبارات العراقية، في عهده، عناصر في تنظيمات شيعية بارزة؛ ففي شهر أيلول من عام 2004، اعتقل رجاله ما لا يقل عن 50 عضواً في حزب الله العراقي الناشط في المناطق الجنوبية واحتجزهم لبضعة أشهر. وتزامن هذا الاعتقال مع اتهام الشهواني المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق، بزعامة عبد العزيز الحكيم، بأنه يعمل على أساس «أجندة إيرانية». ويذكر تقرير «لوس أنجلس تايمز» أن محاولات الشيعة لتأليف جهاز مواز لهذه الوكالة «تعود إلى ربيع 2005، عندما منعت الولايات المتحدة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري من الإشراف على الوكالة الوطنية للاستخبارات العراقية»، مع الاشارة الى أن واشنطن أنفقت، خلال السنوات الثلاث الأولى من الغزو، ثلاثة مليارات دولار من أجل تعزيز دور وكالة الاستخبارات العراقية، و«هي تثق إلى حد كبير بالشهواني الذي قدم خدمات مهمة للأميركيين منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وهيأ لهم اتصالات مع كبار الضباط العراقيين، وألّف وحدة القوات الخاصة العراقية التي شاركت عام 2004 في معارك الفلوجة».
وتضيف الصحيفة أنه «عندما فشل الشيعة عام 2005 في إزاحة الشهواني عن رئاسة الوكالة، عمد مسؤولوهم إلى ملء ما يرونه فراغاً استخباراتياً، فنجح وزير الدولة للأمن الوطني السابق عبد الكريم العنزي في إقناع رئيس الوزراء السابق إبراهيم الجعفري بتدعيم وضع هذه الوزارة، التي باشرت بتأسيس شبكة استخباراتية خاصة بها رغم مصاعب تمويلها».
وتضيف الصحيفة انه «عند تولي الوائلي شؤون هذه الوزارة، حصلت قفزة نوعية في عمل هذه الشبكة، وبدأ بتطويع عناصر بعقود غير حكومية، وباتت هذه الشبكة، مثلما يرى مراقبون غربيون، تقدم وجهة نظر أمنية شيعية خلال اجتماعات مجلس الأمن الوطني».
وأدّت ايران، بحسب الصحيفة، دوراً في «تحديد قدرة وكالة الشهواني بسبب ارتباطه الوثيق بالأميركيين ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركية».
(الأخبار)