غزة ـــ رائد لافيرام الله ـــ سامي سعيد

«حماس» تنفي ربط التصعيد الميداني بالحصار الدولي: مستعدّون للمواجهة

قرّر رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت أمس تنفيذ «عمل عسكري محدود» في قطاع غزة غداة إعلان الجناح العسكري لحركة «حماس» سقوط التهدئة، التي سارعت مصر إلى تكثيف الاتصالات لإعادة تثبيتها.
وذكرت مصادر إسرائيلية أن اولمرت استبعد، خلال مشاورات اجراها مع كبار قادة الامن، القيام بهجوم بري، وقرّر تصعيد عمليات «قتل محددة» تستهدف فرق اطلاق الصواريخ الفلسطينية في غزة، لكنه امتنع عن ملاحقة كبار المقاومين الفلسطينيين والزعماء السياسيين.
وقال مكتب أولمرت، في بيان صدر بعد الاجتماع الامني، «لن تتردد اسرائيل في اتخاذ اجراءات قاسية ضد من يحاولون الإضرار بسيادتها بإطلاق الصواريخ على أراضينا أو يحاولون مهاجمة جنودنا أو القيام بذلك بطرق أخرى».
وأضافت مصادر أمن إسرائيلية أن جيش الاحتلال انهى أخيراً برنامجاً لتدريب القوات البرّية على شن هجوم على مقاومين فلسطينيين في قطاع غزة في حال اعطاء الحكومة الضوء الاخضر لعمل ذلك.
لكن مصدراً سياسياً اسرائيلياً قال إن اولمرت لا يميل إلى القيام بعملية واسعة النطاق في الوقت الراهن.
وقال نائب وزير الدفاع افرايم سنيه، لإذاعة الجيش الاسرائيلي، «لن تشن عملية واسعة (في غزة) الا اذا ثبت أن فوائدها اكثر من أضرارها».
وحذّر وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس حكومة الوحدة الفلسطينية من وقوع مزيد من الهجمات الصاروخية.
في المقابل، تحدّثت مصادر أمنية فلسطينية عن خطة إسرائيلية لاجتياح بعض مناطق القطاع، خصوصاً محيط مطار غزة الدولي في مدينة رفح، جنوب القطاع، وبلدة بيت حانون شمال القطاع. وأضافت أن الخطة باتت جاهزة وفي انتظار مصادقة المستوى السياسي عليها.
في هذا الوقت، نفت حركة «حماس» وجود أي ربط بين عمليات المقاومة الميدانية التي تستهدف الرد على اعتداءات جيش الاحتلال الإسرائيلي وبين المواقف السياسية، وخصوصاً المطالبة برفع الحصار الدولي.
وقال المتحدث باسم «حماس»، إسماعيل رضوان، «لا ربط بين عمليات المقاومة وبين المواقف والقضايا السياسية». وشدد على ان «رد كتائب القسام وفصائل المقاومة جاء في سياق الرد الطبيعي على جرائم الاحتلال ولا ارتباط بالجانب السياسي».
وأكد رضوان على حق الشعب الفلسطيني وفصائل المقاومة في التصدي لاعتداءات الاحتلال «الذي لم يحترم قواعد الهدنة ومارس خروقه وانتهاكاته منذ اليوم الأول إلى أن تجاوز الحدود وكل الخطوط».
وعن تهديدات قيادة جيش الاحتلال بشن عملية واسعة النطاق على القطاع، قال رضوان «إن تهديدات الاحتلال ليست جديدة، وهي تدخل في سياسة الاحتلال الإرهابية للنيل من صمود أبناء شعبنا، لكننا نؤكد أن مثل هذه التهديدات لن ترهب شعبنا ومقاومته».
ولم يستبعد رضوان شن قوات الاحتلال عدواناً واسعاً سواء في الضفة أو غزة، غير أنه أكد أن «هذه العمليات لن تجلب له الأمن، ولن تفلح في إطلاق جنديه الأسير»، في إشارة إلى الجندي جلعاد شاليط الأسير في غزة منذ الخامس والعشرين من حزيران الماضي.
وكان رئيس الوفد الامني المصري المقيم بصفة دائمة في الأراضي الفلسطينية اللواء برهان حماد، قد دعا فصائل المقاومة إلى وقف التصعيد، لتفويت الفرصة على اسرائيل كي لا تتّخذ من ذلك ذريعة لشن عمليات عسكرية على الفلسطينيين.
ورفض ممثلو الفصائل، خلال لقاء عقد مع حماد في ساعة متقدّمة من مساء الثلاثاء في غزة، الرد فوراً على الطلب المصري، مطالبين بالعودة والتشاور مع قادة فصائلهم.
وأشار حماد إلى أنه شرح لهم بالتفصيل رسالة مدير المخابرات العامة المصرية عمر سليمان، التي طلب خلالها سرعة وقف إطلاق الصواريخ كيلا تتفاقم الأمور وتتدهور، موضحاً الاخطار التي ستنجم في حال استمرار الوضع الحالي.
وأضاف حماد أن «أي اجتياح أو هجوم عسكري إسرائيلي على قطاع غزة، ستكون له عواقب خطيرة، وستنجم عنه خسائر كبيرة في الأرواح والأموال، ودمار يفاقم معاناة الشعب الفلسطيني المحاصر منذ أكثر من عام، وسيضع كل الفصائل والقوى الفلسطينية أمام خطر المواجهة المسلحة غير المتكافئة مع إسرائيل».
وشدّد المتحدّث باسم كتائب عز الدين القسام أبو عبيدة، على أن الكتائب على «استعداد كامل للتصدي لأي هجوم عسكري إسرائيلي على قطاع غزة»، قائلاً إن هناك «مفاجآت» في انتظار إسرائيل. وأضاف أن «التهديدات الصهيونية لا ترهب الكتائب ولن ترهبها».
من جهة ثانية، نفى ديوان رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية الادعاءات الإسرائيلية بوجود «أنفاق لتهريب الأسلحة المتطورة إلى الأراضي الفلسطينية ووجود إيرانيين في القطاع».
وكانت مصادر إسرائيلية قد ادعت أن هناك مسؤولين إيرانيين يعملون على تدريب فصائل المقاومة الفلسطينية في القطاع، بالإضافة إلى نجاح المقاومة في تهريب أسلحة متطوّرة عبر الأنفاق الأرضية التي تربط بين القطاع ومصر.
وشدّد ديوان رئيس الوزراء الفلسطيني، في بيان، على أن «هذه الادعاءات تأتي في سياق سياسة إسرائيلية لإيجاد ذرائع لممارسة العدوان على الشعب الفلسطيني».
‏ونفى رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات ما تردد من أنباء عن اجتماع مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين بمشاركة وفد أميركي في مدينة أريحا في الضفة الغربية لبحث الأوضاع الأمنية المتدهورة.
وقال عريقات «لم يحصل أي اجتماع من هذا النوع، لكن هناك اتصالات مع أطراف فلسطينية وإسرائيلية وأميركية من أجل تثبيت التهدئة بين الجانبين الفلسطيني الإسرائيلي بشكل متكامل ومتزامن بما يضمن عدم توسيع دائرة العنف».