strong>باريس ـــ بسّام الطيارة
تبقى الانتخابات الرئاسية الشغل الشاغل للفرنسيين حتى يوم الأحد المقبل، وتكتسب المنافسة بين المرشحين طابعاً خاصاً لأسباب عديدة، منها أن «مرشحة أنثى» هي سيغولين رويال ممثلة لليسار تجابه مرشحاً ذكراً هو نيكولا ساركوزي ممثل اليمين. ويضاف إلى ذلك طباع المرشحين، وخصوصاً طباع ساركوزي «الشهيرة بحدتها» التي شغلت الصحافة ووسائل الإعلام منذ انطلاق الحملة الانتخابية.
ولعل من المفاجآت أن مرشح اليمين لا يزال متماسك الأعصاب حتى اليوم رغم شدة المنافسة، إذ إن العديد من المراقبين «راهنوا على انفلات أعصابه» قبل نهاية الحملة وتوقعوا أن «يخرج بتصريح مزلزل» يطيح الكثير من «الرصانة التي كسبها في الأسابيع الأخيرة».
وكذلك يثير طبع رويال فضول الكثيرين. ومن أبرز الصفات التي باتت تلتصق بصورتها هي «البرودة وتماسك الأعصاب» في أصعب المواقف وأحرجها، بالإضافة إلى بدء تكوين شعور لدى المتابعين لأخبارها بأنها «باردة مثل السمكة» لا تؤثر فيها الانتقادات ولا الحملات التجريحية.
كل هذا يشكل مادة دسمة للفرنسيين الذين ينتظرون بفارغ الصبر «المناظرة التلفزيونية» المرتقبة في الثاني من أيار، والمتوقع أن تمثّل تحولاً في مسار الخط الأخير قبل الوصول إلى الإليزيه؛ إذ ينتظر المراقبون أن تكون المناظرة بمثابة «صراع جبار» حامي الوطيس بين شخصيتين قويتين، وأن تحوي من «الإثارة والصدامات» ما يجعلها تنافس أفضل برامج الـ «تيلي رياليتي»، حيث يكون التشديد على نفسيات «المشاركين» وشخصياتهم وسرعة بديهتهم وتفننهم بالتراشق الكلامي وبإخراج الجمل القاتلة.
وهذا ما دفع بالوسائل الإعلامية إلى اللجوء إلى «خبراء علم النفس وعلوم التواصل» لسبر غور شخصية كل من المرشحين في محاولة لاستشفاف خيوط التقاطع بينها ومسالك الصدام المحتملة.
وحسب جملة من الدراسات التي زيّنت صفحات الإعلام، ومنها دراسة لـ «باسكال سوتر» أستاذ علم النفس في جامعة لوفان البلجيكية والمتخصص بدراسة طباع الحكام في العالم، فإن المرشحين يملكان الكثير من «الصفات الشخصية المتشابهة» مثل الطموح والرغبة في السيطرة والنزعة «للقتل» بالمعنى التنافسي المعروف في عالم البورصة الذي يقول «تأكل من تقتل» وكلاهما يحملان بذور «زعامة سرب الذئاب» والقيادة.
وتتميّز رويال عن ساركوزي بجنوحها نحو «التدقيقية» وهو ما يسمح بالقول إنها ذات شخصية «صافية السريرة» مهنية ويمكن الاتكال عليها. وهي، في المقابل، أقل «انفتاحاً على الـــخارج» مــــن مـــنافسها.
أما بالنسبة للطموح، فإن ساركوزي يتقدمها بكثير وهو عامل إيجابي في المنافسات السياسية، إلا أن «معدّله العالي جداً»، حسب بعض الاختصاصيين، يصل إلى درجة التوتر المعوق لعلاقاته مع الآخرين. وكذلك الأمر في ما يتعلق بالرغبة في السيطرة، فهو يتقدم على رويال، لكنه لا يحمل صفة الرغبة في «التطابق مع الغير» «القوية جدّاً» لدى المرشحة اليسارية، وهو ما يمثّل نقطة سلبية أمام من يســـعـــى للـــوصـــول إلــــى القــــمة.
أما من ناحية صفة «عدم التوازن»، وهي تقيس قدرة السياسي على مقاومة الأزمات، فإن رويال تحصل ٤ نقاط من أصل ٣٦، وهي من أحسن النتائج، بينما يحصل ساركوزي على ١٢ نقطة، وهو في هذا أقرب إلى جورج بوش. وإذا تجاوز ١٠ نقاط، فإن ذلك يطرح، حسب واضع الدراسة، مسألة مقدرة الشخص على التصرف ببرودة أعصاب في الحالات الصعبة.