لاقى إقدام القبارصة اليونانيون ليل الخميس الجمعة على إزالة “جدار نيقوسيا”، الذي يقسم الجزيرة منذ أكثر من 32 عاماً، ترحيباً وطنيّاً، بشقّيه اليوناني والتركي، ودولياً، وآمالاً في أن تمثّل هذه الخطوة «العمليّة»، بالمعنى الضيّق، رافداً رمزيّاً لتوحيد مرجوّ بين الجزءين الشمالي والجنوبي من الجزيرة المتوسّطيّة. ورحّبت السلطات القبرصيّة التركية بالخطوة، ووصفها رئيس وزراء «جمهورية شمال قبرص التركية»، التي لا تعترف بها سوى أنقرة، فيردي ثابت سوير، بـ“التطوّر ايجابي”، مؤكّداً أنّ إدارته ستبدأ أعمالاً تقنيّة من أجل فتح معبر في المنطقة في أسرع وقت ممكنأمّا الرئيس القبرصي اليوناني، تاسوس بابادوبولوس، الذي كشف أنّ التخطيط للهدم يتمّ منذ أسبوعين، فقد أكد للصحافيين في بروكسل أنّ “العقبة (أمام التوحيد) ليست الجدار، بل القوّات التركية”، موضحاً أنّه “إذا انسحبت تلك القوّات وسمحت للأمم المتحدة بالكشف عن الألغام، فإنّ معبر لوكماتشي يمكن أن يُفتح”. وقال المتحدّث باسم الحكومة القبرصية اليونانيّة، كريستودولوس باشاردس، “إنّها بادرة حسن نيّة من جانبنا للمساهمة بشكل إيجابي في فتح شارع ليدرا”.
دوليّاً، أشادت الأمم المتّحدة أمس بهدم الجدار القبرصي ووصفته بـ“الخطوة الإيجابية جداً”. وقال قائد القوّة الدوليّة المكلّفة حفظ السلام في قبرص، مايكل مولر، إنّ لإزالة الجدار «أهميّة، ليس فقط لجهة فتح نقطة عبور في هذا المكان التاريخي، بل في المدلولات الرمزيّة أيضاً، لأنّها تساهم في إيجاد مناخ إيجابي في السعي للتوصّل الى اتفاق شامل”.
أما مفوّض شؤون التوسيع في الاتحاد الأوروبي، أولي رين، فقال من جهته، إنّه يتعيّن على القبارصة الأتراك واليونانيين استغلال “الزخم الذي أحدثه هذا القرار الشجاع، وأحدثه أيضاً قيام القبارصة الأتراك بإزالة جسر المشاة في وقت سابق”، مشيراً إلى أنّ “فتح المعبر سيشجّع الجهود الرامية إلى التوصّل لتسوية شاملة لمشكلة قبرص تحت رعاية الامم المتحدة”.
ويبلغ طول “الجدار” الأسمنتي أربعة أمتار، ويمتدّ على طول شارع ليدرا التجاري القديم، وهو قائم مذ اجتاح الجيش التركي عام 1974 ثلث الجزيرة، بعد انقلاب عسكري نفّذه قبارصة يونانيّون، كانوا يريدون ضمّ قبرص إلى بلدهم الأصلي، اليونان.
ويخترق الجدار قلب المنطقة السياحيّة في نيقوسيا. وعلى الرغم من وجود 5 معابر، تعمل منذ عام 2003، إلّا أنّ أيّاً منها لا يصل بين جزءي قلب المدينة النابض.
وكانت فكرة فتح معبر في هذا القطاع وسط نيقوسيا أُثيرت عام 2005، إلّا أنّها لم تطبّق بسبب خلاف يتعلّق بجسر صغير بناه القبارصة الأتراك في الجانب التركي، حيث عارض الجيش التركي هدمه ما لم يقم اليونانيون من جانبهم بإزالة “الجدار”. وكان الزعيم القبرصي التركي محمد طلعت قد زار أنقرة في محاولة لإقناع الجيش التركي، الذي ينشر أربعين ألف عنصر في الشمال، بهذه الخطوة.
وفشلت مبادرة لإنهاء تقسيم الجزيرة في نيسان 2004، عندما سلّمت الأمم المتحدة المجموعتين اليونانيّة والقبرصيّة خطّة عُرضت للاستفتاء، رفضها اليونانيّون ووافق عليها الاتراك، وبعد شهر من ذلك انضم الشطر الجنوبي اليوناني، المعترف به دولياً، الى الاتحاد الأوروبي.
(أ ف ب، أب، رويترز، يو بي آي، د ب أ)