strong>القدس المحتلة ــ سامي سعيد
لم تخرج قمة عباس وأولمرت أمس بأكثر من التعهدات وتجديد الشروط
الإسرائيلية والدولية للاعتراف بالحكومة الفلسطينية، وزاد عليها إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط

“قمة الشروط والمطالب”، هكذا وصف أحد كبار المقربين من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لـ “الأخبار” اللقاء، الذي جمع أمس أبو مازن ورئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في مقر إقامة الأخير في القدس المحتلة.
وقال المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، بعد الاجتماع الذي استمر أكثر من ساعتين، إن أولمرت طرح شروطاً عديدة على أبو مازن، الذي قابلها بمطالب أهمها الإفراج عن الأموال المحتجزة لدى إسرائيل وإطلاق سراح الوزراء والنواب الأسرى.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن أبو مازن أكد لأولمرت أن المبادرة السعودية أساس للتقدّم نحو العملية السلمية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فيما قاطعه أولمرت أكثر من مرة. وقال أولمرت إن “أهم ما يجب أن يحدث الآن هو اطلاق سراح جلعاد شاليط ووقف فوري لإطلاق الصواريخ على جنوب اسرائيل ووقف عمليات تهريب الأسلحة إلى القطاع عبر مصر”.
وأشار المسؤول نفسه إلى أن أبو مازن طلب من أولمرت النظر إلى حكومة الوحدة الوطنية المقرر الإعلان عنها نهاية الأسبوع الجاري على أنها خطوة ايجابية وبداية الاستقرار في الأراضي الفلسطينية.
وقال رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، في مؤتمر صحافي في رام الله في الضفة الغربية، إن عباس طالب بامتداد التهدئة إلى الضفة الغربية المحتلة ووقف العمليات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وناقش قضية عشرة الاف أسير فلسطيني يقبعون في السجون الإسرائيلية بمن فيهم القادة السياسيين الأسرى.
وقال عريقات إن أبو مازن شرح لأولمرت اتفاق مكة وأهميته في وقف الاقتتال الداخلي الفلسطيني، فيما شدد على أنه كرئيس للسلطة الفلسطينية ورئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية مسؤول عن ملف المفاوضات وأنه ملتزم اتفاقية الاعتراف المتبادل، التي وقعت بين الجانبين في اوسلو.
ووصف القيادي في حركة “فتح”، محمد دحلان، الذي شارك في الاجتماع، اللقاء بأنه “صريح وصعب”. وقال إنه “جرت مناقشة حكومة الوحدة الوطنية باعتبارها شأناً داخلياً فلسطينياً وطُرحت قضية المعابر وبالذات معبر كارني ورفح”.
وأوضح دحلان أن الجانبين بحثا إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، وخصوصاً الأطفال والنساء والمرضى، كما تم بحث قضية شاليط. وأضاف إنه تمت مطالبة اسرائيل برفع الحواجز داخل الأراضي الفلسطينية لضمان حرية حركة المواطنين الفلسطينيين.
وافاد مقربون من اولمرت، في نهاية اللقاء، ان “الجو كان بناءً وممتازاً، وعلى ما يبدو وافق الطرفان، على ان تكون المبادرة السعودية، اساس المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين”. وقالت مصادر في مكتب أولمرت إن عباس وعد بالعمل على إطلاق شاليط قبل الإعلان عن تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن المصادر نفسها قولها إنه يتوقع الإعلان عن تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية هذا الأسبوع، وأن أولمرت طالب عباس بإطلاق سراح شاليط في أسرع وقت من دون شروط.
وقالت المصادر نفسها إن عباس كرر التزامه شروط الرباعية الدولية الثلاثة والقاضية بالاعتراف بإسرائيل وبالاتفاقيات الموقعة معها ونبذ العنف.
وسأل أولمرت عباس عن مبلغ 100 مليون دولار، كانت إسرائيل قد حولتها من الأموال الفلسطينية المحتجزة إلى مكتب عباس، وما إذا جرى صرفه على تقوية أجهزة الأمن التابعة لعباس والاحتياجات الإنسانية الفلسطينية.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإن عباس طالب أولمرت بمواصلة تحويل مبالغ من أموال السلطة الفلسطينية التي تحتجزها إسرائيل والتوصل إلى وقف إطلاق نار من جانب إسرائيل في الضفة الغربية وبإطلاق سراح أسرى فلسطينيين.
وأضافت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي “لم يستجب في هذه المرحلة لمطالب رئيس السلطة”، لكنه أبلغه “بتمديد أوقات فتح معبر كارني (المنطار) بين إسرائيل والقطاع بهدف تمرير بضائع”.
وكانت صحيفة “هآرتس” قد قالت قبل اللقاء إن أولمرت سيطالب عباس أثناء لقائهما بعدم ضم المسؤولين الفلسطينيين محمد دحلان وسلام فياض إلى حكومة الوحدة الفلسطينية وإلا فإن إسرائيل ستقاطعهما.
وكان اولمرت قد قال للصحافيين، قبل وصول ابو مازن، انه يمتدح المبادرة السعودية ويرى أنّها جديرة بالاهتمام، وهو ما فسرته القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي بأن “تل ابيب تحاول فتح خطوط مباشرة مع السعودية من دون الحاجة إلى الرئيس ابو مازن”.
واقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بدء مفاوضات سلام إقليمية مع دول عربية وفقاً للمبادرة العربية شرط تعديلها وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين. وقال، لدى افتتاحه اجتماع الحكومة الإسرائيلية الأسبوعي، إن مبادرة السلام العربية هي “خطة نحن على استعداد للتعامل معها بجدية وتتضمن مبادئ ايجابية”.
ونقل موقع “يديعوت أحرونوت” الإلكتروني عن مصادر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي قولها إن أولمرت أوضح خلال لقائه شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى أخيراً أن “الخط الأحمر الذي تضعه إسرائيل لمبادرة السلام السعودية ومبادرات طرحتها دول عربية أخرى هو (عدم) تطبيق حق عودة اللاجئين الفلسطينيين” وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194.
وشددت المصادر الإسرائيلية نفسها على أن “إسرائيل لن تسمح بعودة اللاجئين إلى تخومها وهناك طرق أخرى لحل هذه القضية”.