علي حيدر
أقرت إسرائيل أمس بفشل حملتها الدبلوماسية لإقناع الدول الأوروبية بمقاطعة الحكومة الفلسطينية الجديدة، وقررت تركيز جهودها على تكريس الحصار الاقتصادي الذي تفرضه عليها. وقالت مصادر أمنية إسرائيلية إن تل أبيب ستجد، على ما يبدو، بعد تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية، صعوبة في كبح التراجع في الموقف العالمي المناهض للسلطة الفلسطينية، مشيرة في الوقت نفسه الى أن ما تكشّف حتى الآن هو عبارة عن مؤشرات اولية فقط إلى التراجع في الموقف الدولي.
وقال مسؤولون إسرائيليون إن «هذه الحملة» الدولية لمنع فك الحصار عن حكومة الفلسطينية «حرب خاسرة وميؤوس منها». وأضافوا إن اسرائيل قررت تركيز جهودها على الجانب الاقتصادي من المقاطعة، من دون إهمال الجانب الدبلوماسي، على قاعدة ان الاستمرار في المقاطعة الاقتصادية والمالية، يحول دون تقدم هذه الحكومة.
وعبر المسؤولون أنفسهم عن رضاهم مما رأوا أنه «استجابة رئيس السلطة أبو مازن (محمود عباس) لمطالب إسرائيل بعدم تعيين مقربين منه وزراء في الحكومة الفلسطينية»، باعتبار ان ذلك يُمكِّنهم من استمرار عقد اللقاءات معهم. ورأوا في ذلك انه يشير الى «نظرة ابو مازن المتحفظة على حكومة الوحدة».
وكانت وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، قد كثَّفت من اتصالاتها مع الدول الأوروبية للحيلولة دون انكسار الحظر الاقتصادي والمقاطعة الدبلوماسية التي فرضتها الولايات المتحدة وإسرائيل على الحكومة الفلسطينية.
وقالت ليفني إن «إسرائيل تنظر إلى الحكومة الفلسطينية كمجموعة واحدة ولا تفرق بين حماس وفتح داخل الحكومة. فالأموال التي يتم تحويلها لفتح ستصل إلى حماس. وكي تحظى الحكومة الفلسطينية بالشرعية والاعتراف يجب أن تلبي مطالب اللجنة الرباعية»، موضحة أن إسرائيل «ستواصل اتصالاتها برئيس السلطة محمود عباس».
وفي هذا السياق، تسعى إسرائيل والولايات المتحدة إلى إحباط اقتراح أوروبي قدمته إسبانيا وإيرلندا يدعو إلى رفع العقوبات والحصار عن الحكومة الفلسطينية. وقلل مسؤولون اسرائيليون من الخطوة النروجية باعترافها بالحكومة الفلسطينية. وقالوا إن النروج ليست عضواً في الاتحاد الأوربي وإن تأثير هذه الخطوة لا يذكر. لكن مسؤولين آخرين رأوا ان الحملة الدعائية الإسرائيلية مصيرها الفشل، بعدما أعلنت روسيا اعترافها بالحكومة الفلسطينية، وبريطانيا أنها ستجري اتصالات مع وزراء «فتح» في الحكومة.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن رئيس الشاباك يوفال ديسكين قوله، خلال جلسة الحكومة أول من أمس أنه «بموجب تقديرات الشاباك، فإن تأليف حكومة الوحدة من شأنه أن يخفف الضغط الاقتصادي على حماس وخصوصاً من ناحية الجانب المعتدل في الاتحاد الأوروبي». وأضاف ديسكين إنه «تم هذا الأسبوع دفع رواتب لمستخدمي السلطة الفلسطينية بمبلغ 20 مليون دولار موّلها مكتب الرئيس الفلسطيني ووزارة المالية الفلسطينية».
الى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أنه من المفترض أن يعقد المستوى السياسي وقيادة المؤسسة الأمنية في الأيام المقبلة اجتماعات للتشاور في شأن تأليف حكومة الوحدة الفلسطينية، وإن كانت الخطوط العامة للسياسة الاسرائيلية قد عبر عنها رئيس الحكومة إيهود اولمرت أول من أمس، خلال جلسة الحكومة، بتأكيده مقاطعة الحكومة الفلسطينية بجميع وزرائها. ونقلت الصحيفة عن مصادر اسرائيلية قولها إن المؤسسة الأمنية تقف مجتمعة وراء اولمرت في موقفه من الحكومة الفلسطينية.
أما على مستوى الرأي العام الإسرائيلي، فقد نشرت صحيفة «يديعوت احرونوت» أمس نتائج استطلاع رأي أيد فيه 39 في المئة من المستطلعين إجراء محادثات مع حكومة الوحدة الفلسطينية، فيما أعرب 17 في المئة عن تأييدهم إجراء محادثات فقط مع وزراء من حركة «فتح»، ما يعني أن 56 في المئة من الإسرائيليين يؤيدون إجراء محادثات مع الفلسطينيين بشكل او بآخر. وأعرب 40 في المئة من المستطلعين عن عدم تأييدهم مطلقا لاجراء محادثات مع حكومة الوحدة الفلسطينية.