«لبنان المسكين سيصبح الآن النجمة الأخيرة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة». بهذه العبارات لخص الصحافي البريطاني روبرت فيسك مقاله الأخير، في صحيفة «اندبندنت» أمس، تحت عنوان «العاب القوة الأميركية في الشرق الأوسط».ورأى فيسك، في تقريره، أن واشنطن «متورطة، وبتزايد، في الشؤون اللبنانية، وبأكثر ما تدركه غالبية الناس وحتى اللبنانيون منهم، وتركز على لبنان الآن لإثبات قدرتها على نشر الديموقراطية في الشرق الأوسط، بعد فشل تجربتها الديموقراطية الكارثية في العراق»، محذراً من «أن الانقسامات السياسية والاجتماعية في لبنان ستتزايد؛ كلما تزايد الدعم الأميركي لحكومة السنيورة».
ويضيف فيسك أن الأميركيين والبريطانيين «كانوا أسخياء في تزويد الجيش اللبناني بالمعدات الجديدة؛ مثل السيارات رباعية الدفع وعربات همفي وأجهزة التصدي للشغب (لا أعرف ضد من سيستخدمونها؟)، فضلاً عن تواتر تقرير، نفي على عجل، بأن وزير الدفاع اللبناني الياس المر سينتقي شخصياً مروحيات قاذفة للصواريخ في زيارته الأخيرة لواشنطن»، متسائلاً «إلى أين ستُطلق هذه الصواريخ الأسطورية؟».
ورأى الصحافي البريطاني أن جميع من وصفهم بالمتسلطين اللبنانيين «يتوجهون إلى واشنطن، ومن بينهم وليد جنبلاط»، الذي قال عنه إنه «الأكثر براعة والأكثر عدمية والأكثر ذكاء، والذي كان قد حُرم من الحصول على تأشيرة زيارة للولايات المتحدة حتى عام 2005، بسبب تصريحات تمنى فيها لو أن قذيفة الهاون التي أطلقها مسلح عراقي على المنطقة الخضراء في بغداد قتلت نائب وزير الدفاع الأميركي وقتها بول وولفويتز».
وأوضح فيسك أن جنبلاط توجه إلى واشنطن حيث «عقد لقاءً دام 35 دقيقة مع جورج بوش، أي أقل بعشر دقائق مما حصل عليه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت خلال اجتماعه بالرئيس الأميركي، والتقى جنبلاط نائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليزا رايس ووزير الدفاع روبرت غيتس، غير أن اللقاء الأكثر إزعاجاً كان بين جنبلاط ومستشار الأمن القومي ستيفن هادلي».
وعن الدعم الاميركي لحكومة السنيورة، يرى فيسك أنه «مع الخروج الاختياري للشيعة من الحكومة، فإن إدارة السنيورة يمكن أن تكون، ومثلما وصفها الرئيس اللبناني المؤيد لسوريا إميل لحود، غير دستورية»، مشيراً إلى أن الغرب «يستمر في تجاهل المؤشرات الخطيرة للطائفية في لبنان، بسبب حصر تركيزه على العراق وأفغانستان».
ويتابع فيسك قوله «صحيح أن (زعيم الغالبية النيابية) سعد الحريري يُجري محادثات مع رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، وأن السعوديين أجروا محادثات مع الإيرانيين والسوريين لإيجاد حل للأزمة اللبنانية، لكن السنيورة، الذي يشغل منصب رئيس الوزراء بالتعيين لا عن طريق الانتخاب، ابدى استعداده لتوسيع تمثيل الشيعة في حكومته، في مقابل ألا يتمتعوا بحق النقض ضد قراراته، ومن بين هذه القرارات إصرار السنيورة على أن تمضي الأمم المتحدة قدماً في إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي بشأن اغتيال (الرئيس رفيق) الحريري، والذي تعتقد حكومته ومعها الولايات المتحدة أنه من عمل سوريا».
ولفت الصحافي البريطاني الى أن السنيورة نفسه «كان مُنع هو الآخر من زيارة الولايات المتحدة بسبب تقديمه مبلغاً صغيراً لمؤسسة خيرية إسلامية، خلال تجمع نظمه في بيروت قبل سنوات (المرجع آية الله السيد) محمد حسين فضل الله، أما الآن فهو (السنيورة) بطل أميركي».
ويلحظ فيسك أن «التصدعات بدأت تظهر في المواقف الغربية، ففرنسا الآن لا تعارض إجراء محادثات مباشرة مع دمشق»، قبل أن يطرح السؤال المباشر «ماذا سيكون ثمن المحكمة الدولية إذا وافقت سوريا على تقديم المساعدة؟».
(اندبندنت)