القاهرة ــ عبد الحفيط سعد
أقر مجلس الشعب المصري أمس تعديلات الدستور بموافقة 315 عضواً فيه، فيما رفضتها أحزاب وجماعات المعارضة الرئيسية بعدما شملت 34 مادة دستورية.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية الرسمية إن البرلمان، الذي يهيمن عليه الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم، وافق بصورة نهائية على تعديل 34 مادة دستورية ستطرح على الاستفتاء العام في 26 آذار الجاري للتصديق عليها.
وقالت مصادر برلمانية إن تكتلاً يضم 109 نواب، يمثلون الإخوان المسلمين والمستقلين وأحزاب التجمع والوفد والكرامة، رفضوا التصديق على مقترحات التعديلات الدستورية فيما أيدها نحو 315 نائباً عن الحزب الحاكم.
وكانت قاعة البرلمان المصري قد شهدت أمس جلسة صاخبة لمناقشة التعديلات الدستورية على المادة 88، التي تقلص الإشراف القضائي، تصاعدت فيها حدة التصريحات الانفعالية، لدرجة سقوط النائب والصحافي مصطفى بكري، على الأرض مغشياً عليه، وتم نقله الى المستشفى.
وكان بكري يقول قبل تعرضه للإغماء إن “لغة المؤيدين لتقليص الإشراف القضائي ستتغير تماماً، لو تدخّل الرئيس حسني مبارك للإبقاء على نص المادة الحالي”، مشيراً بذلك الى حوادث سابقة تدخل فيها الرئيس المصري في اللحظات الأخيرة عبر مكالمة هاتفية تغيّر معها موقف نواب الحزب الوطني وقادته من النقيض الى النقيض.
وأقسم بكري إنه لن يرشح نفسه إذا أُقر التعديل، الذي رأى أنه “لا يستهدف فقط إسقاط مرشحي الإخوان، لكنه يستهدف غيرهم من النواب أيضاً، بمن فيهم عدد من نواب الحزب الوطني الحاكم”.
وأعلن بعض نواب الحزب الحاكم، خلال الجلسة، تذمرهم من التعديلات، وخرج النائب محمد حسين محتجاً من الجلسة، وهو يصرخ موجهاً كلامه الى رئيس المجلس الدكتور أحمد فتحى سرور “هؤلاء هم من جاؤوا بقاضٍ على كل صندوق والآن يتراجعون”، مشيراً الى زملائه من نواب الحزب الوطني الذين أيدوا التعديلات.
ودافع رئيس ديوان رئيس الجمهورية، زكريا عزمي، عن إلغاء الإشراف القضائي. وقال “هناك صعوبة في إجراء الانتخابات على ثلاث مراحل، وخصوصاً مع زيادة عدد اللجان الانتخابية”. فرد عليه رئيس كتلة حزب الوفد، محمود أباظة، بتقديم اقتراح يتضمن إجراء الانتخابات من خلال مراكز الاقتراع حيث يشرف القضاء على مجمع انتخابي يضم لجان عديدة. وحذَّر من اختفاء القضاة من الإشراف على الانتخابات، قائلاًَ “سيحل مكانه الأشباح، وسيدفع الجميع الثمن”.
من ناحية أخرى، أصدرت 91 من شخصيات فكرية وسياسية من تيارات مختلفة بياناً، رأت فيه أنه ليس هناك مشروعية لمؤسسة الرئاسة او البرلمان في اقتراح او تعديل الدستور، لأن “جميع القوى الوطنية وأحكام القضاء تؤكد أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة في حكم المزورة”.
وقال البيان إنه “للمرة الأولى في تاريخ الدستور، يطالب رئيس الجمهورية بأن يكون له الحق في حل مجلس الشعب من دون الرجوع إلى استفتاء الأمة على ذلك، وهو ما يجعل السلطة التشريعية برمتها لعبة في يد الحاكم، ويسهّل من توريث السلطة وتحويل الحكم إلى ملكية عائلية في إطار نظام جمهوري”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت بياناً أول من أمس رأت فيه أن التعديلات تمثل أخطر انتهاك لحقوق الإنسان في مصر منذ إعادة فرض حالة الطوارئ عام ١٩٨١.
وطالبت المنظمة الدولية نواب الشعب بالتصويت ضد التعديلات، التى رأت أنها تمنح الشرطة سلطات مطلقة في تنفيذ الاعتقالات، والتنصت على المحادثات الهاتفية الشخصية بين المواطنين، ويخوّل مبارك سلطة حرمان المتهمين بالإرهاب المثول أمام محاكم عادية وإحالتهم إلى القضاء العسكري.
إلا أن صحيفة “الأهرام” نقلت عن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط «رفض مصر التام لبيان منظمة العفو الدولية”.‏ ورأى أنه محاولة لفرض الوصاية الأجنبية على قرار الشعب المصري‏.‏