strong>طهران ـــ محمد شمص
مجلــس الأمــن ينــاقــش عقوبــات مشــدّدة... وموسكــو ترفــض «المبالغـــة فيها»

لا تزال إيران تصرّ على المضيّ قدماً في برنامجها النووي، رغم اقتراب مجلس الأمن الدولي من بتّ عقوبات مشددة ضدها. إصرارٌ أتى، أمس، على لسان المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي أكد أن بلاده ستستخدم كل قدراتها “للرد على التهديدات”، في حين أشار الرئيس محمود أحمدي نجاد إلى استمرار الشعب الإيراني “على مواقفه” على الصعيد النووي.
في هذا الوقت، بدا أن الروس يتجهون إلى تلطيف الأجواء مع طهران عقب “أزمة بوشهر”، مع إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف معارضة بلاده فرض عقوبات “مبالغ فيها” على الجمهورية الإسلامية.
وحذر خامنئي، في خطاب ألقاه في مدينة مشهد (شمال شرق إيران)، الدول الكبرى من أن إيران ستستخدم “كل قدراتها للرد على التهديدات وعلى استخدام القوة والعنف” ضدها. وقال “إذا كانوا يريدون استخدام التهديد واللجوء إلى القوة والعنف، فإن الشعب والمسؤولين سيستخدمون من دون أدنى شك كل قدرات البلاد لضرب الأعداء”.
وأضاف محذراً “إذا كانوا يريدون استغلال (مجلس الأمن) وتجاهل حقوقنا، وإذا كانوا يريدون التصرف بشكل يخالف القانون، فإن بإمكاننا بالتالي التحرك من خارج القانون وسنفعل”.
وأكد خامنئي “أن العقوبات لا يمكن أن تلحق الأذى بنا وهي مفيدة جداً لأن إيران نجحت في امتلاك التكنولوجيا النووية رغم تعرضها للعقوبات”.
وكان خامنئي قد أطلق على السّنة الإيرانية الجديدة اسم سنة “الوحدة الوطنية والتلاحم الإسلامي”، وذلك في رسالة واضحة تعبر عن قلق القيادة الإيرانية من محاولات إثارة الفتنة العرقية والمذهبية السنية ـــ الشيعية التي قد تعصف بمنطقة الشرق الأوسط برمتها.
أما نجاد فقد أكد، من جهته، أن الشعب الإيراني “لا يزال عاقداً العزم على الدفاع عن مواقفه” على الصعيد النووي، منتقداً “الصهاينة الذين يسيطرون على العالم”. وقال نجاد إن “المشكلة التي يواجهها العالم حالياً هي مجموعة من الصهاينة العنصريين الذين يسعون إلى إبقاء العالم في ظروف صعبة وشروط من الفقر والحقد لضمان هيمنتهم من خلال السيطرة على وسائل الإعلام ومراكز اتخاذ القرار”، موضحاً “أن الشعب الإيراني العظيم يعارض ذلك وسيدافع عن حقوقه المشروعة”.
وقال نجاد، في خطابه بمناسبة بدء العام الشمسي الإيراني، عيد “النوروز”، إن “القوى المتغطرسة لا تستطيع عرقلة تطور الشعب الإيراني، وقد أضحى اسم إيران والإيرانيين اليوم يتردد على لسان كافة شعوب العالم كمظهر للنصر والصمود”، مضيفاً أن “أعداء إيران... لا يستطيعون تحقيق مآربهم، وأفضل طريق لهم هو الإذعان لحق الشعب الإيراني وتحكيم القانون والعدالة”.
في هذا السياق (ا ف ب، رويترز، يو بي آي)، أجرى مجلس الأمن الدولي، أمس، أولى مفاوضاته حول مشروع قرار لتشديد العقوبات التي فرضت في كانون الأول على إيران، بسبب رفضها تعليق أنشطتها النووية الحساسة.
وقد اتفق الأعضاء الخمسة الدائمون في مجلس الأمن، الذين يتمتعون بحق النقض (الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا)، على مشروع القرار الأسبوع الماضي وأمهلوا حتى يوم أمس شركاءهم العشرة غير الدائمين لإجراء مشاورات مع بلدانهم.
وذكر دبلوماسي قريب من المفاوضات أن أندونيسيا وقطر اقترحتا، أول من أمس، تعديلات يمكن أن ينظر فيها المجلس.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال مداخلة أمام البرلمان الروسي، “لقد اتفقنا على التحرك تدريجاً في الملف الإيراني وفقاً للوضع القائم، ولن ندعم فكرة فرض عقوبات مبالغ فيها”.
وأضاف لافروف: إن مشاريع لمنع مسؤولين إيرانيين كبار مرتبطين بالبرنامج النووي من السفر وتجميد قروض دولية سحبت من العقوبات الجديدة الجاري التفاوض بشأنها في الأمم المتحدة في نيويورك.
وقال لافروف إن “جنوب أفريقيا وأندونيسيا اقترحتا تعديلات (على قرار الأمم المتحدة المقترح)، الأمر الذي يشير ضمن أشياء أخرى إلى الطبيعة الدولية لحظر انتشار الأسلحة النووية. ونحن نعتقد أن هذه التعديلات تستحق أن تولى أكبر قدر من الدراسة والاهتمام.. سنتعامل معها بصورة بناءة”.
ونفى لافروف ما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن دبلوماسيين أوروبيين من أن موسكو هددت بوقف العمل في بناء محطة بوشهر للطاقة النووية ما لم توقف طهران تخصيب اليورانيوم. وقال “إن هذه المعلومة عارية عن الصحة” وإنها سرّبت “في محاولة غير لائقة، لإثارة الخلاف”.
إلى ذلك، قال دبلوماسيون في برلين إن سويسرا أوفدت في الآونة الأخيرة مسؤولاً رفيع المستوى إلى إيران ليبحث اقتراحاً يهدف إلى حل نزاع إيران النووي مع الغرب رغم مطالبة قوى غربية كبرى بالتخلي عن الفكرة.
وقال الدبلوماسيون إن نائب وزير الخارجية السويسري ميشيل أمبويل توجه الى طهران بعد زيارة قام بها كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي لاريجاني الى بيرن في الشهر الماضي.
ويقضي الاقتراح بأن يسمح لإيران بالاحتفاظ بالبنية الأساسية الحالية لتخصيب اليورانيوم، ويمكن لها تشغيل اجهزة الطرد المركزي، لكنها لن تضخّ أي غاز لسادس فلوريد اليورانيوم المعالج إلى الأجهزة أثناء التفاوض على صفقة حوافز مع مجموعة الست (5+1).
ولم يؤكد المتحدث باسم وزارة الخارجية السويسرية يوهان ايشليمان أو ينفي التقرير بشأن زيارة امبويل لطهران، لكنه قال إن “سويسرا لم تقدم أي اقتراح بتشغيل أجهزة الطرد المركزي من دون غاز اليورانيوم”.
وقال الدبلوماسيون إن الولايات المتحدة والدول الكبرى الثلاث في الاتحاد الأوروبي، وهي: ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، لا تؤيد فكرة سويسرا، وطلبت من السويسريين فتح مسار ثان للمفاوضات مع إيران، بالإضافة الى المسار المفتوح بالفعل.



strong>أعداء إيران... لا يستطيعون تحقيق مآربهم، وأفضل طريق لهم هو الإذعان لحقّ الشعب الإيراني وتحكيم القانون والعدالة