strong>بول الأشقر
انتهت مؤقتاً الأزمة المؤسّساتية التي عصفت بالإكوادور خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، وخرج الرئيس رودريغو كوريا فائزاً، فصار يحظى بأكثرية داخل المجلس النيابي، ولم تعد هناك عقبات أمام انعقاد الاستفتاء في 15 نيسان على الدعوة لانتخاب الجمعية التأسيسية.
وكان مجلس النوّاب الإكوادوري قد صادق أواسط الشهر الماضي على مشروع قرار لاستفتاء يُعقد في 15 نيسان على الدعوة إلى انتخاب جمعيّة تأسيسية كاملة الصلاحيات. وفي المقابل، وافقت السلطة التنفيذية على احترام ولاية المجلس المنتخب.
وكان الاتفاق بمثابة تسوية مؤقّتة في الكباش الدائر بين السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية الخارجتين من انتخابات نهاية العام الماضي.
ورأت الأكثرية النيابية المعارضة لكوريا الفرصة سانحة لعرقلة الاتفاق الذي تراه هشّاً في الأساس، لأن الجمعية التأسيسية ذات الصلاحيات المطلقة قادرة في أيّ لحظة على التنصّل من الاتفاق المعقود. وبما أنها لا تستطيع أن تطال كوريا، الذي يتمتّع بشعبية هي أضعاف شعبيّة مجلس «الحزبوقراطية»، كما يقولون في الإكوادور، فقد قررت الأكثرية الانتقام من رئيس المحكمة الانتخابية، وأقالته بـ57 صوتاً من أصل النواب المئة الذين يؤلفون المجلس.
إلّا أنّ رئيس المحكمة، الذي يمثّل أعلى سلطة قضائية في الشؤون الانتخابية، ردّ عليهم بإقالة النوّاب السبعة والخمسين، ما أدّى إلى وقوع فراغ دستوري، حيث أصبح مجلس النوّاب فاقداً للنصاب وغير قادر على الاجتماع.
وهكذا، فالحفرة التي حفرتها المعارضة وقعت فيها؛ فقد حاول نوّابها العودة إلى البرلمان، لكن عناصر الشرطة المولجين بحراسته لم يسمحوا لهم بالدخول. وبدأ ما سمّته الصحافة الإكوادورية «رقصة الكراسي الموسيقية»، إذ صار النوّاب البدائل ينتفضون على قرار أحزابهم ويؤدّون اليمين الدستورية محلّ زملائهم المقالين. وقد تمّ تثبيت حتى الآن 28 نائباً تجمّعوا تحت تسمية «كتلة العزّة الوطنية».
وفيما بدأت الأحزاب اليمينيّة تهدّد النوّاب البدائل، الذين قاموا بهذه الخطوة، بطردهم من صفوفها، بمن فيهم رئيس المجلس، استعاد مجلس النوّاب نصابه وبدأت الأزمة المؤسّساتية تفقد حدّتها، ولم يبق أمام أحزاب الأكثرية السابقة سوى القبول بالأمر الواقع وبما خسرته، باتت تحض ما بقي لها من نوّاب بدائل على قسم اليمين.
وكنتيجة، تتمثّل حصيلة أوّل شهرين للسياسة الداخلية لكوريا بنجاحه في شقّ طريق الجمعيّة التأسيسيّة، التي يراهن عليها لتغيير النظام السياسي وفق قانون انتخابي جديد في مجلس خال من محازبيه، لأنه خاض حملته الرئاسية مقاطعاً «حزبوقراطية» المجلس.
لقد نجح بداية في جذب الأحزاب اليساريّة والهنديّة التي أيّدته في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية، ثم تحالف مع حزب الرئيس المخلوع لوسيو غوتيريز لتمرير مشروع الجمعية التأسيسيّة. لكنّ الأخير بالغ في التحاذق وعاد يقترح على الأكثرية النيابية إقالة رئيس المجلس الانتخابي، فارتدّ السحر عليهما.
واليوم، تغرق الأحزاب اليمينية في أزمة حادّة في ظلّ انقسام بعضها على بعض. فبالنسبة للمرشّح المهزوم ألفارو نوبوا، فقد ترك البلاد ويقيم حالياً في الولايات المتحدة، فيما يصارع زميله في الهزيمة لوسيو غوتيريز للوصول إلى الانتخابات المقبلة (نهاية السنة) بوضعيّة تسمح له بالتأثير على الآتي.
أما كوريا، فهو الرابح الحقيقي حتى الآن في هذه الجولة؛ استفاد من الصراع بين السلطتين القضائية والتشريعية لتحسين أوراقه، وحصل على أكثريّة نيابية لم يكن يحلم بها، وبقي عليه الآن، بعدما أصبح طريق الاستفتاء سالكاً، الوصول إلى نهاية السنة بشعبيّته الكاملة ليقود الأكثرية الجديدة في الجمعية التأسيسية المنوي إنشاؤها.