أثار التوتّر الأمني الأخير في جمهوريّة الكونغو الديموقراطيّة، بين القوّات الحكوميّة وميليشيا الزعيم المعارض جان بيير بيمبا، تساؤلات عن كيفيّة تدبير الجالية اللبنانيّة هناك لأمورها وأعمالها، وخصوصاً أنّ الخلافات السياسيّة تترجم دوماً إساءةً إلى مصالحها.وتحسّر التجار اللبنانيون في حي الأعمال في وسط كينشاسا أوّل من أمس، على خسائر طائلة لحقت بهم جراء تعرّض متاجرهم للنهب على أيدي مناصري بيمبا الخميس الماضي ثمّ جنود الحرس الرئاسي في اليوم التالي.
وقال التاجر اللبناني محمود حجازي، وقد بدا عليه الإحباط، “لقد نهبوا من الملابس وحدها ما يوازي قيمة 70 ألف دولار، يضاف اليها مخزون من 657 هاتفاً نقالاً قيمة الواحد حوالى مئة دولار”، ويضيف، مشيراً إلى الرفوف الفارغة المقلوبة أرضاً والزجاج المحطّم في متجره، “أعيش في الكونغو منذ 20 عاماً. تعبت. لا أدري ماذا سأفعل”.
وفيما يعبّر حجازي عن أمله في عدم تكرار تلك الأحداث، ينهره لبناني شاب من سكان الحي، جاء يستعلم عنه والغضب يسيطر عليه، “ماذا تفعل حتى الآن في هذا البلد؟ عد الى ديارك”.

وعند مستديرة فوريسكوم على مسافة بضعة أمتار، نُهبت كلّ محالّ الملبوسات والهواتف تقريباً، وروى كول، الذي يعمل ناطوراً، أن “جنود بيمبا هم أوّل من بدأ بمهاجمة المتاجر” إلّا أنّ اليوم التالي “كان من نصيب الجيش، ووقفنا متفرّجين أمام كلّ هذه المشاهد المؤسفة، ولم يكن في وسع أيّ كان منعها، لأنّ الجنود كانوا يطلقون النار في كل مكان عند سماع أيّ صوت”.
وفي متجر قريب من المستديرة، يلفت مسعود فوّاز إلى آثار دماء على آلة طابعة ويقول “إنّهم وحوش، لقد حطّموا الزجاج بأيديهم. لقد رأيتهم. كانوا من الحرس الرئاسي... وحين اقتربت تقدّم عسكري إلى الباب مصوّباً سلاحه في اتجاه المدخل”.
ويتابع فوّاز حديثه، وهو واقف في القاعة الخلفية للمتجر أمام خزنته المخلوعة، أنّه لن يعود الى لبنان ويشدّد على أن لديه “القوّة للبقاء هنا. لقد فقدت حمولة، لكن ستصلني حمولات أخرى. يجب ألّا ينتصر هؤلاء الأشخاص”.
ويرى أحمد حسن، الذي يبيع أدوات منزلية كهربائية وأجهزة كمبيوتر، أنّه لا يمكن تناسي الخسائر، ويوضح “لقد أهدرت آلاف الدولارات. وهم أزالوا في يوم واحد سنوات من الاستثمار”. ويضيف التاجر الأربعيني “على الحكومة أن تساعدنا على مواجهة هذا الوضع من خلال خفض الضرائب مثلاً، حتى نتمكن من الانطلاق مجدداً”. مطلب يردّ عليه تاجر لبناني شاب قائلا بسخرية “الحكومة؟ الأرجح أنّها ستطلب منّا أن ندفع حتى يُسمح لنا بالبقاء”.
(أ ف ب)