لا يبرح الميدان الصومالي يفاجئ القوّات الحكوميّة والإثيوبيّة؛ فبعد أعمال العنف الأخيرة التي أدّت إلى مقتل 10 جنود الأسبوع الماضي، اشتعلت الجبهات في مقديشو مجدّداً أمس، بعد بدء عمليّة عسكريّة إثيوبيّة تهدف لـ “القضاء على المسلّحين”، استخدمت فيها المروحيّات وقضى خلالها 7 جنود جدد. وقتل 15 شخصاً على الأقلّ وجرح 130 آخرين في المعارك التي استمرّت منذ صباح أمس، بعدما باشرت قوّات أديس أبابا بعملية برية وجوية في مقديشو ضد المتمردين، رافقتها نداءات من مكبرات الصوت الى السكّان للمشاركة في المعارك ضد القوّات الإثيوبية. وأفاد شهود عيان أنّ خمسة أشخاص يرتدون بزات عسكرية كانوا ممددين قتلى في حي شيركول في جنوب العاصمة، حيث أقدم سكّان على سحل جثتين أخريين بواسطة الحبال. وأوضح المتحدّث باسم الرئاسة الصوماليّة محمّد حسين أنّ الهجوم العسكريّ الذي بدأ أمس “يأتي ضمن عمليّة شاملة تمتدّ ثلاثة أيّام لإعادة الأمن والاستقرار إلى العاصمة الصوماليّة”.
وأفاد دبلوماسي إثيوبي رفض الكشف عن اسمه أنّ الهجوم الذي شُنّ أمس، يهدف إلى «إخلاء» العاصمة من الميليشيات. وقال إنّ «العملية العسكرية ستستمر حتى تحقيق أهدافها»، داعياً سكان مقديشو “إلى البقاء في منازلهم وعدم الذعر وعدم المشاركة في الهجمات ضدّ القوّات الإثيوبية»، ومشدّداً على أنّ «الإثيوبيين مستعدّون للحوار مع الذين يبحثون عن السلام ويرغبون في المصالحة».
وتمثّل هذه المواجهات خرقاً للاتّفاق الهشّ الذي أبرم مع شيوخ قبيلة “الهوية” في مطلع هذا الأسبوع، بعد أحداث أدّت إلى مقتل نحو 20 شخصاً وسحل جثث جنود في الشوارع ثم حرقها، في ما شكّل أعنف المواجهات منذ هزيمة ميليشيا “المحاكم الإسلاميّة” منذ نحو ثلاثة أشهر ونقل حكومة الرئيس الصومالي عبد الله يوسف المؤقتة الى العاصمة.
و قال رئيس الوزراء الإثيوبي مليس زيناوي، أمام البرلمان في أديس أبابا أمس، «سحبنا حتى الآن ثلثي قواتنا» المنتشرة في الصومال، إلّا أنّه لم يحدّد عدد الجنود الإثيوبيين الذين انسحبوا ولا عدد الذين لا يزالون هناك، عازياً التأخير في الانسحاب إلى “عدم إتمام انتشار جنود السلام التابعين للاتحاد الأفريقي كما كان مأمولاً”.
وشدّد زيناوي على أنّ “مهمّتنا قضت بتدمير التهديد الأصولي وقد نجحنا”، مضيفاً إنّ “إثيوبيا أظهرت لجميع المعتدين عليها أنها قادرة على مواجهة أيّ اعتداء”.
وأعلنت منظّمة الأمم المتحدة أمس أنّ 57 ألف شخص هربوا من مقديشو منذ الشهر الماضي، بينهم 12 ألفاً خلال الأسبوع الماضي وحده. وقالت مفوضية شؤون اللاجئين فيها إنّ النازحين “جائعون ويواجهون مضايقات من بلطجيّة”.
(أ ب، أ ف ب، رويترز)