واصلت الإدارة الأميركية التنصل من إعدام صدام حسين، لتنأى، على ما يبدو، بنفسها عن الجدل الذي أحدثته العملية، كما ملابسات تنفيذها، وذلك لأنها وضعت الحكومة العراقية بموقف حرج، من جهة، ولأسباب كثيرة أخرى مرتبطة بالاستراتيجية الأميركية في ما يتعلق بإظهار مدى تدخلها في العراق، من جهة أخرى
أعلن المتحدث باسم قوات الاحتلال الأميركية الجنرال وليام كالدويل أمس أن القوات الأميركية لم تشارك في عملية إعدام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، موضحاً أنها كانت ستتعامل مع هذا الحدث بطريقة «مختلفة»، في وقت نقل فيه عن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوله إنه كان قلقاً من احتمال إفلات صدام من حكم الإعدام بطريقة ما إذا لم تنفذ العقوبة سريعاًوقال كالدويل، للصحافيين في مؤتمره الاسبوعي في بغداد، إن القوات الأميركية سلمت «الحماية الجسدية» لصدام الى العراقيين قبل وقت قليل من الإعدام، كما «غادر كل الأميركيين مكان حصول العملية». وأضاف إن القوات الأميركية تركت كل الإجراءات الأمنية في إعدامه للسلطات العراقية بما في ذلك تفتيش الشهود بحثاً عن الهواتف المحمولة. وتابع «لم يكن لنا أي شأن بالمنشأة التي تم فيها الإعدام»، مشيراً الى أن القوات الأميركية نقلت صدام جواً الى السجن الذي نفذ فيه الإعدام ثم انسحبت من المبنى.
وأوضح المتحدث الأميركي «كنا فقط مسؤولين عن احتجازه (صدام) فعلياً وأعدناه الى العراقيين الذين كان لهم دوماً الحق القانوني في احتجازه. إنها دولة ذات سيادة وهذا نظامهم وهم الذين يتخذون القرارات». وأضاف «إذا سألتم عما إذا كنا سنتعامل مع هذا الأمر بطريقة مختلفة فجوابي هو نعم. لكنه لم يكن قرارنا بل قرار الحكومة العراقية».
وحث كالدويل الحكومة العراقية على محاولة كسب ثقة العرب السنة. وقال «في هذه المرحلة أمام الحكومة العراقية فرصة للاستفادة مما حدث لتمد يدها الآن في محاولة لإعادة مزيد من الناس الى العملية السياسية وإعادة السنّة».
وقال مساعد المدعي العام لقضية الدجيل، منقذ الفرعون، في تصريح لتلفزيون «العراقية» الحكومي أمس، إن «اثنين فقط من الذين رافقونا كانا يحملان جهازين خلويين في أيديهما داخل غرفة التصوير وقاما بالتصوير ليس بصورة سرية وانما بصورة علنية وشاهدت ذلك بعيني». وأضاف «لم أشاهد أياً من أفراد الشرطة يحمل جهازاً خلوياً داخل غرفة تنفيذ إعدام صدام».
وأشار الفرعون إلى أن عملية الإعدام «كانت علنية وغير سرية ورافقتنا كاميرا تلفزيونية»، مستغرباً الضجة الإعلامية المثارة حالياً حول الصور التي بثت عن عملية الإعدام.
ونفى الفرعون أن يكون بين المسؤولين الذين قاموا بتصوير الإعدام مستشار الامن القومي موفق الربيعي، الذي قال لوكالة «رويترز» إنه لم تكن بحوزته كاميرا او هاتف محمول، مشيراً إلى أنه سلّم هاتفه المحمول إلى مساعده قبل أن يستقل طائرة هليكوبتر أميركية نقلته إلى مكان تنفيذ الحكم.
في هذا السياق، نقل أمس عن مسؤول اميركي رفيع المستوى في بغداد قوله إن المالكي كان قلقاً من احتمال إفلات صدام من حكم الإعدام بطريقة ما إذا لم تنفذ العقوبة سريعاً.
وقال المسؤول، لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن رئيس الوزراء العراقي الذي سارع الى إعدام صدام بعد أربعة أيام فقط من تأييد محكمة التمييز العراقية حكم الإعدام «اعتراه القلق من قيام مسلحين بعمليات خطف واسعة النطاق واستخدام المخطوفين كورقة مقايضة لتأمين إطلاق سراح صدام».
وتوافد مئات من الشخصيات العشائرية والاجتماعية والضباط السابقين في الجيش العراقي المنحل، منذ وقت مبكر صباح أمس، لزيارة قبر الرئيس العراقي الراحل وحضور مجلس العزاء في قاعة مجاورة للقبر وسط قرية العوجة، فيما أقيمت مجالس للعزاء في نقابة المحامين المصريين في القاهرة وفي عدد من المدن التونسية لتقبل التعازي به.
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)