رغم أن عدد النساء الجامعيات في إيران يفوق عدد الطلاب الذكور، ورغم اكتساح الجنس اللطيف للمجالس البلدية في الانتخابات التي جرت في كانون الأول الماضي، فإن طموح الإيرانيات اللواتي يتعاطين في الشأن العام يتجاوز العمل البلدي الى الندوة البرلمانية ومجلس الوزراء وغيرها من مراكز القرار التي لا تزال بعيدة عنها. ولعل المعلمة السابقة فاطمة أشداري (42 عاماً) واحدة من بين نحو عشر نساء قد حققن نتائج قوية في الانتخابات البلدية بالفوز بمقعد في مجلس مدينة قزوين شمالي غرب طهران.
لكن فاطمة ترى أن “عمل المرأة يجب ألا يقتصر على المناصب الشكلية مثل منصب المستشار. يجب أن يسمح لنا الرجال بأن نخطئ ونتعلم”.
وأشداري هي واحدة من بين أربع نساء سيتولين مناصبهن في المجلس الجديد المؤلف من تسعة أعضاء في قزوين بعد الانتخابات الأخيرة، التي شكلت فيها النساء سدس عدد المرشحين في المدينة البالغ عددهم 180 مرشحاً.
ومع أنه لا يزال أمام النساء الكثير لتحقيق اختراق على الجبهة الوطنية، إلا أن النجاح الذي حققنه في الانتخابات البلدية كان مدهشاً حيث حصلن على 44 مقعداً من بين المقاعد الـ264 المتوافرة في مجالس العواصم الإقليمية.
وفي عدد من المدن والبلدات، حصلت المرشحات على معظم الأصوات، وخصوصاً في مدن شيراز وهمذان، حيث حصلت امرأتان في العشرينيات من عمرهما على أعلى عدد من الأصوات.
وتقول فاطمة “لا يتوافر لديّ الكثير من الوقت لقضائه مع عائلتي، لكن عملي يشعرني بالرضا”، حيث إن لديها أطفالاً كما انها ترأس جمعيتين خيريتين، إضافة إلى عضويتها في المجلس.
وتمضي فاطمة أشداري ساعات طويلة في مكتبها للاستماع الى شكاوى الناس التي لا علاقة لبعضها بواجباتها البلدية، مثل حاجة أحدهم الى عملية زرع كلية مستعجلة أو خلاف قانوني حول الإرث.
وتطمح فاطمة إلى أن تصبح عضوةً في البرلمان، مستنكرة وجود عدد قليل من النائبات النساء في البرلمان، اللاتي لا يتجاوز عددهن 12 من أصل 290 نائباً.
ويعطي الموظف في مدينة قزوين محمد طاهري (31 عاماً) مثالاً على تفضيل الإيرانيين للمرأة في ميدان الشأن العام، وهو الذي صوّت لمصلحة فاطمة، إذ يقول إنه “ملّ من المرشحين الرجال الذين يحملون الألقاب الكبيرة ولا يفون بوعودهم”. ويضيف ان “النساء لم يخذلننا في المجلسين السابقين، وهن يدرن منازلهن بفعالية، والمجلس هو مثل المنزل الكبير”.
بدورها، لم تفاجأ نائبة وزير الداخلية السابق لشؤون المرأة، فخروسادات محتشميبور، بالنجاح الانتخابي للنساء الإيرانيات، اللواتي تفوق أعدادهن أعداد الرجال في الجامعات، فهي تعتقد أن المجتمع الإيراني أصبح مستعداً لقبول عدد أكبر من النساء في مواقع صنع القرار، إلا أنها تلقي باللوم على الأحزاب السياسية الرئيسية في البلاد لعدم قيامها بجهود كافية لاجتذاب عدد أكبر من العضوات.
وتوضح محتشميبور أن “الناس في الانتخابات التشريعية، عادة ما يصوّتون لمرشحي الحزب”، مضيفة أن حزب “جبهة المشاركة” الإصلاحي، الذي تنتمي إليه، قرر في البداية ترشيح خمس نساء في الانتخابات البلدية لمدينة طهران، إلا أنه عاد وخفض العدد إلى ثلاث بعد تحالفه مع أحزاب أخرى.
وتدعو محتمشيبور كذلك الى القيام بتحرك حازم وإلى التمييز الإيجابي بين الجنسين لتخصيص عدد أكبر من المقاعد لعضوات البرلمان.
ومنذ الثورة الإسلامية في إيران، لم تشغل أي امرأة منصب وزير في الحكومة الإيرانية.
وكان الرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي، الذي جاء إلى السلطة بمساعدة أصوات النساء، أول من بدأ بترشيح النساء لمنصب نائب الرئيس لشؤون البيئة والمرأة.
وحافظ الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد على ذلك التوجه حيث عيّن نساء في مناصب حكومية، إلا أن الرجال احتفظوا بكل المناصب الوزارية.
(ا ف ب)