محمد بدير
سقطت الاستخبارات الإسرائيلية من عليائها لتتحطم أسطورتها على أرض الجنوب، حيث انكشف فشلها في اختراق منظومات المقاومة على مختلف الصعد. الاعتراف بالفشل الاستخباري الإسرائيلي أمام المقاومة جاء لافتاً، لكونه الأول من نوعه

اعترف الضابط الرئيسي للاستخبارات في الجيش الإسرائيلي، العميد يوبال حلميش، بأن الأداء الميداني لضباط الاستخبارات خلال حرب لبنان الثانية، تميز بـ«قلة المهنيّة وبمستوى متوسط وما دون»، وذلك في مقابلة أجرتها معه مجلة مركز تراث الاستخبارات. وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يسمح، حتى اليوم، بإجراء أي مقابلات مع وسائل الإعلام حول أداء الاستخبارات خلال العدوان. لكن العدد الجديد من المجلة المذكورة، التي يُعدّها مسؤولون سابقون رفيعو المستوى في أجهزة الاستخبارات، تضمن سلسلة من المقابلات مع ضباط من سلاح الاستخبارات.
ويقول حلميش، في المقابلة، إن الجيش الإسرائيلي كان يمتلك فهماً استخبارياً جيداً حول انتشار حزب الله ونظرية عمله، من ضمنها «كيفية إدارة وجريان المواجهة في مقابل إسرائيل في المستقبل». لكن صورة الاستخبارات التي تكونت حول انتشار منظومة صواريخ الكاتيوشا القصيرة المدى كانت بحسب كلامه «متوسطة إلى متدنية».
واعترف حلميش، للمرة الأولى، بأن «مستوى الاستخبارات على الأرض كان إشكالياً، وأنه كان أقل تركيزاً، فيما الوحدات التي وصلت إلى قيادة المنطقة الشمالية كانت أقل معرفة بالأرض». وأشار حلميش إلى أن الجيش الإسرائيلي فوجئ من عملية إطلاق الصاروخ الإيراني على البارجة الحربية الإسرائيلية، كما فوجئ من نطاق استخدام حزب الله للصواريخ المضادة للدبابات خلال العدوان. وبحسب كلامه، فإن «ظاهرة المحميات الطبيعية (المواقع التي بناها حزب الله في مناطق مفتوحة) كانت معروفة، لكنها كانت مفاجئة من حيث مستوى الإخفاء والتمويه إلى درجة أن القوات البرية الإسرائيلية داست على السراديب المبنية تحت الأرض من دون أن تتمكن من اكتشافها قبل ذلك».
ويضيف حلميش أن القوات النظامية وصلت إلى الحرب في الشمال وهي «في أجواء وتفكير يميز القتال في المناطق الفلسطينية، وأنه يتعين الإشارة إلى ضباط الاستخبارات والقادة من رتبة نائب قائد كتيبة وما دون، هم جيل لم يعرف لبنان، وأن الوحدات لم تتدرب بشكل كاف للقتال في هذه الحلبة»، رغم أن الجيش الإسرائيلي بنى بموذجاً للمحمية الطبيعية في قاعدة التدريبات.
وبحسب حلميش، يتبين من التحقيقات التي جرت بعد العدوان أن «عمل ضابط الاستخبارات على الأرض، والتحليل العملاني الميداني، تم من دون مهنيّة، وعلى مستوى متوسط وما دون».
بدوره، اعترف ضابط الاستخبارات في لواء غولاني، الرائد إيلان، في مقابلة مع المجلة نفسها، بأن «موضوع الاستخبارات كان مشكلة حقيقية. فالمادة المحفوظة (المتنوعة جداً) لم تصل في الوقت المناسب. لكننا اكتشفنا ذلك بعد فوات الأوان. وفي الواقع، لم نعرف باستعدادات حزب الله ولا بحجم قواته. وعندما وصلتنا المواد، لم تكن منقّحة ومفصّلة على مستوى اللواء. وفي ظل غياب معلومات استخبارية عن مكان تموضع العدو، قمنا بتحليل أماكن محتملة لتواجده، والنقاط التي تشكل خطراً على القوة».