غزة ــ رائد لافي
تتسارع الخطوات لاحتواء الوضع الفلسطيني المتوتر، غير أن أجواء التوتر والاحتقان والتحريض، لا تبشّر بالخير، وتؤشر إلى خطورة المرحلة المقبلة في الداخل الفلسطيني

استغلت الفصائل الفلسطينية أمس الهدوء الحذر الذي سيطر على قطاع غزة، لمحاولة إعادة أطراف النزاع الداخلي إلى طاولة الحوار، في وقت شنت فيه حركة “حماس” هجوماً غير مسبوق على القيادي الفتحاوي محمد دحلان واصفة إياه بأنه “رأس الفتنة”، وسط حالة من الفوضى عمّت الضفة الغربية، حيث أحرقت متاجر ومكاتب صيرفة، فيما أطلق مسلحون مجهولون النار على مكتب وزير المالية السابق سلام فياض.
وفي خطوة تسبق تنفيذ تهديدها بالنزول إلى الشارع لوقف الاقتتال الداخلي بين حركتي “فتح” و“حماس”، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عناصرها وأعضاءها العاملين في الأجهزة الأمنية المختلفة والقوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية إلى عدم المشاركة في الصدامات المسلحة بين الحركتين.
في هذا الوقت، قالت مصادر فلسطينية مطلعة إن لجنة الحوار الوطني ستعقد خلال الأيام الثلاثة المقبلة جلسة خاصة لبحث تأليف حكومة وحدة وطنية، بعدما أعطت حركتا “فتح” و“حماس” موافقة مبدئية على بدء جولة جديدة من الحوار.
وقال سكرتير لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والإسلامية، ابراهيم ابو النجا، إن اللجنة “قدمت ورقة إلى الفصائل بهدف استئناف الحوار الوطني ركزت فيها على المسألة الأمنية والحملات الاعلامية من أجل خلق أجواء مناسبة على طريق النجاح في تأليف حكومة الوحدة”.
غير أن مراقبين للشأن الداخلي الفلسطيني لا يرجحون نجاح المبادرة الجديدة في شأن الحوار الوطني، في ظل حالة التوتر الشديدة بين “فتح” و “حماس”، التي بلغت ذروتها في أعقاب التهديدات التي أطلقها القيادي “الفتحاوي” محمد دحلان ضد حركة “حماس” أول من أمس.
وحمّلت حركة “حماس” دحلان وتياره، الذي وصفته الحركة بـأنه “انقلابي”، “المسؤولية عن كل قطرة دم سالت خدمة لمصالحه الخاصة، وتنفيذاً للمخططات الأميركية في المنطقة وبالتساوق مع الأهداف الصهيونية”.
وحذّرت حركة “حماس”، في بيان لها، من “المساس بأي من قادة الحركة ورموزها”، معتبرة أن “أي اعتداء هو لعب بالنار وسيحرق من يلعب به قبل أي شخص آخر”. وشددت على أنها “لن تسمح مرة أخرى بتأليف فرق للموت والاغتيالات، كما فعل دحلان، مؤسس فرق الموت يوم كان على رأس جهاز الأمن الوقائي، التي راح ضحيتها العشرات من الأبرياء من شعبنا”.
وأشارت الحركة إلى أنها “لم تستغرب من هذه اللغة الهابطة التي تُشتمّ منها رائحة الدم والقتل، والتي كشفت الوجه الحقيقي لهذه الفئة التي قادت الانقلاب على الشهيد ياسر عرفات، وتتمسح به اليوم وتتاجر برمزيته، وجاءت اليوم لتدبير الانقلاب على حكومة حركة حماس، ويقود دحلان ذلك بشكل سافر، وبما لا يدع مجالاً للشك في أنه رأس الفتنة الذي يسعى إلى زرع بذور الشقاق في المجتمع الفلسطيني خدمة لمصالح شخصية وأهداف فئوية، وتنفيذاً لمخططات سيدته (وزيرة الخارجية الأميركية) كوندوليزا رايس صاحبة نظرية الفوضى الخلاقة”.
وفي مؤتمر صحافي، قال المتحدث باسم “حماس”، فوزي برهوم، “أكدنا وسنظل نؤكد أننا لن نسمح للانقلابيين بأن يجرّوا شعبنا إلى أتون حرب أهلية او يجروا عوائل شعبنا إلى أتون حرب أهلية وسنظل بالمرصاد للانقلابيين ومؤامراتهم”.
ورأى برهوم أن خطاب دحلان “مثّل خطوة خطيرة على طريق سيطرة التيار الانقلابي على الحركة. خطاب مناف لكل القيم مثل دعوة صريحة للتوتير والتحريض على الحرب الأهلية وخدمة للاحتلال”.
إلى ذلك، شهدت الضفة الغربية سلسلة من الاعتداءات، بينها قيام مسلحين ملثمين بإضرام النار في محل تجاري وإطلاق النار على محال أخرى وسط رام الله.
وقال عاملون في مكتب وزير المالية السابق النائب سلام فياض في البيرة في الضفة الغربية إن المكتب تعرض لإطلاق نار من جانب مسلحين مروا مسرعين بسيارة قرب المكتب.
كما ذكرت مصادر أمنية أن سيارة القائم بأعمال رئيس بلدية البيرة عمر حمايل تعرضت لإطلاق نار. وقالت مصادر في “حماس” إن ملثمين حاولوا خطف حمايل، لكنه رفض الخروج معهم فأطلقوا النار على سيارته.
وأفادت مصادر أمنية فلسطينية في مدينة نابلس أنه تم إطلاق سراح مهدي الحنبلي، نائب رئيس بلدية نابلس، بعدما اختطفه مسلحون مجهولون قبل ثلاثة أيام.