موسكو ــ حبيب فوعاني
تستمرّ ردود الفعل المتعدّدة الأوجه، في إطار مفاعيل إعدام الرئيس العراقي السابق صدّام حسين، حيث يعرض التلفزيون الروسي، الأحد المقبل، مقابلة أجراها مع رئيس الوزراء الروسي الأسبق يفغيني بريماكوف، يروي فيها ذكرياته عن صدّام، والشّكوك المثيرة للجدل في عمليّة إسقاط بغداد، خلال حرب العراق الأخيرة، امتداداً إلى القبض عليه، والنقاش الحاد الذي تلا إعدامه في 30 كانون الأوّل الماضي.
وبريماكوف، الذي يعرف صدّام منذ أن كان يعمل مراسلاً لصحيفة “البرافدا” السوفياتية في الشرق الأوسط خلال ستّينيّات القرن المنصرم وحتى بدء الحرب الأميركية على العراق، كان آخر السياسيين الروس الذين اجتمعوا بالرئيس العراقي في 24 شباط عام 2003، حين نقل إليه رسالة شفوية من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يقترح عليه فيها التنحي عن منصبه.
ويتذكر السياسي الروسي المخضرم، كيف أنّ صدّام، عند اقتراح بريماكوف المبادرة الروسيّة عليه رفض، ثم ربّت كتفه، وانصرف. في حين قال له نائب رئيس الوزراء العراقي في حينه طارق عزيز: “سوف ترى بعد مرور عشرة أعوام أيّـكما كان على حقّ، رئيسنا أم أنت؟”.
ويلمح بريماكوف إلى وجود اتفاق عراقي ــ أميركي في تلك الحرب، التي يصفها بأنها “غريبة”، حيث إنّ العراقيين لم يبادروا إلى تفجير جسور بغداد، لإعاقة الدخول السهل للآليات العسكرية الأميركية إلى وسط العاصمة العراقية، بالإضافة إلى استسلام وحدات الحرس الجمهوري، التي كانت تتمتع بمقدرة قتالية «جديّة»، السريع، ودون أيّة مقاومة.
ويشكّك رئيس مصلحة الاستخبارات الخارجيّة الروسيّة الأسبق، في صحّة مشاهد القبض على صدام في 14 كانون الأول 2003، ويرجح أن يكون صدام قد استسلم قبل ذلك بأشهر وتمّ لاحقاً اختلاق رواية “الحفرة” الشهيرة، مشدّداً على أنّ الأميركيين كانوا دائماً على اتصال مع صدام خلال فترة هروبه عبر وسطاء كانوا يَعِدُونه بشيء ما في كل مرحلة.
ويورد بريماكوف تصوّراته عن عمليّة إعدام الرئيس العراقي، ويشير إلى أنّ الاتصالات تكرّرت خلال محاكمته، حيث إنّ صدّام قال لأحد محاميه إنّ الأميركيين “بحاجة إليه”، وعندما لاحظ المحامي أن اللعبة تخرج عن إطارها، أجابه صدّام بأنّهم لا يستطيعون إنجاز أي شيء في العراق من دونه.
وبحسب بريماكوف، لم يصدّق صدّام إمكان إعدامه حتى اللحظة الأخيرة، وفي ذلك تمثّلت الخطة الأميركيّة، مفترضاً أنّ الأميركيين حرصوا بذلك على ثنيه عن قول كلمته الأخيرة، التي كان يستطيع فيها “رواية كثير من الأسرار”، لذلك لم يصرّوا على متابعة التحقيق في الاتّهامات الأخرى، ومنها استخدام الغازات السامة ضد الأكراد، واستعجلوا شنقه لطمس الحقائق.