غزة ــ رائد لافي
تحركات التهدئة الفلسطينية لا تزال في إطار الجهود، التي لم تتبلور واقعاً على الأرض، ولا سيما أن لدى الأطراف الفلسطينية شبه قناعة بأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس صاحب القرار في تحديد طبيعة العلاقة مع “حماس”

تحضيرات مكثفة تشهدها الساحة السياسية الفلسطينية لجمع الرئيس الفلسطيني مع رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل في دمشق، وهو ما أبدى عباس استعداده له، إلا أن أطرافاً فلسطينية تقلل من أهمية انعقاد الاجتماع بوجود قيادات “فتحاوية” ممسكة بالقرار الرئاسي، وهو ما عبرّت عنه تظاهرة لحركة “حماس” أمس، وجهّت ضد القيادي في “فتح” محمد دحلان، الذي اتهمته الحركة بعرقلة صفقة إطلاق الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
في هذه الأثناء، قلّل رئيس الوزراء الفلسطيني اسماعيل هنية من أهمية زيارة وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة، واصفاً هذه الزيارة بأنها تندرج في إطار “المخطط الاميركي الاسرائيلي، الذي يهدف إلى الالتفاف على الشرعية الفلسطينية”. وقال هنيه، في مؤتمر صحافي مقتضب عقب أدائه صلاة الجمعة في مسجد التوحيد في مخيم الشاطئ في مدينة غزة، إن “الشعب الفلسطيني لن يقبل بالتدخّل في شؤونه”.
وشدد على أن “السعي لتأليف حكومة الوحدة الوطنية سيكون وفق المطالب الفلسطينة وليس وفق الإملاءات الأميركية”، في إشارة جديدة إلى رفض مطالب اللجنة الرباعية الثلاثة (الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف والإقرار بالاتفاقات السابقة).
ورفض هنية أي محاولة لإفشال صفقة إطلاق سراح الأسرى في مقابل إخلاء سبيل الجندي الاسرائيلي الأسير في غزة جلعاد شاليط، وقال: إن “كل من يسعى إلى إفشال صفقة تبادل الأسرى سيكون مسؤولاً أمام الله والتاريخ والأسرى”.
واتهمت حركة “حماس” من وصفته بـ “التيار الانقلابي” في حركة “فتح” وفي مقدمهم القيادي البارز في الحركة النائب محمد دحلان، بالعمل على إفشال صفقة تبادل الأسرى.
وقال المتحدث باسم “حماس” فوزي برهوم إنه “عندما تبلورت صفقة التبادل وكاد أن يبدأ التنفيذ شرع الاسرائيليون بالمماطلة، ووصلتنا بعض المعلومات المؤكدة بأن قادة التيار الانقلابي ساهموا بطريقة أو بأخرى بتعطيل الصفقة”.
وكشف برهوم لـ “الأخبار” معلومات حصلت عليها “حماس” تفيد بأن “الانقلابيين طالبوا حكومة الاحتلال خلال لقاءات عقدوها مع مسؤولين اسرائيليين في مدينة القدس وأوروبا بالتريّث في انتظار أن تتمكن أجهزتهم الأمنية من تحديد مكان الجندي الإسرائيلي الأسير ومساعدتهم على الوصول اليه”. وشدد على أن “حماس” “تأكدت من هذه المعلومات، وخصوصاً بعد عمليات الخطف التي طاولت كوادر وعناصر في الجناح العسكري ونشطاء في الحركة حيث كان يتم التركيز في التحقيق معهم من جانب عناصر أمنية على مكان وجود شاليط”.
وفي هذا الإطار، صبّ متظاهرون من حركة “حماس” جام غضبهم على دحلان، واتهموه بقيادة التيار الانقلابي. وتعهد أمين سر كتلة “حماس” البرلمانية النائب مشير المصري بأن “تعمل الحركة على الإفراج عن كل الأسرى الفلسطينيين وهي في سدة الحكم وذلك بالجهاد والمقاومة وخطف الجنود”.
وشن المصري، في كلمته أمام آلاف المتظاهرين في باحة المجلس التشريعي في مدينة غزة، هجوماً عنيفاً على ما وصفها بـ “محاولات إفشال صفقة تبادل الأسرى”. وقال “لم يكتف الانقلابيون بالتآمر على إسقاط الحكومة وافتعال الفوضى الخلاقة بل وضعوا أيديهم في أيدي الصهاينة لإفشال صفقة التبادل”. وتابع “لقد تبرّع قائد الفتنة الانقلابية المدعو دحلان بوضع يده بيد الصهاينة لإفشال صفقة التبادل بعد تعهده للصهاينة بشرخ موقف الفصائل وتقديم المعلومات عن مصير الجندي”. واضاف “نقول لهم إن نجوم السماء أقرب إليهم من شاليط.. سنفرج عن آخر أسير ونحن على سدة الحكم بالمقاومة”.
وردد المتظاهرون هتافات منها “للأمام للأمام يا حكومة الإسلام” و“يا هنية دوس دوس على دحلان الجاسوس”.
من جهة ثانية، أفاد مسؤول فلسطيني بأن جهود وساطة فلسطينية برعاية مصرية تبذل لعقد لقاء بين عباس ومشعل الأسبوع المقبل في سوريا بهدف تحقيق مصالحة وطنية وتأليف حكومة الوحدة الوطنية.
وقال المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، إن “حركة الجهاد الاسلامي تقوم بجهود وساطة الى جانب أشقائنا في مصر من أجل عقد هذا اللقاء لاحتواء الموقف المتفجر والخطير، وخصوصاً في قطاع غزة بعد الاشتباكات المسلحة المؤسفة”.
وفي السياق نفسه، أعلن مسؤول فلسطيني أن عباس سيزور دمشق الأسبوع المقبل بناءً على دعوة من الرئيس السوري بشار الاسد وأنه “لا يمانع” في لقاء مشعل “اذا كان هناك حاجة إلى اللقاء”، موضحاً أن “عباس لا يريد مزيداً من الحوار مع مشعل بشأن حكومة الوحدة الوطنية وإنما سيكون اللقاء مخصصاً للاستماع من مشعل الى قرارات حماس بخصوص نتائج الحوارات التي تمت مسبقاً بين الجانبين”.