لم يكد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يحط رحاله في مدينة البصرة العراقية، في زيارة مفاجئة، حتى كانت قوة عراقية ــ أميركية مشتركة تعتقل أحد قادة التيار الصدري، في خطوة شغلت الساحة العراقية أمس، وفتحت المشهد السياسي على تساؤلات متسارعة عن ساعة الصفر التي تعلن بدء المواجهة بين جيش المهدي وقوات الاحتلال.وقال غيتس، الذي وصل إلى البصرة في ثاني زيارة له إلى العراق منذ تعيينه وزيراً للدفاع الشهر الماضي، إن العراق يشهد «لحظة حاسمة»، موضحاً، في مؤتمر صحافي مع قائد قوات الاحتلال جورج كايسي، أن هناك إجماعاً «على أن الفشل سيكون بمثابة كارثة للمصالح القومية للولايات المتحدة، ولدول أخرى كذلك».
بدوره، قال كايسي إن بغداد «لن تتمتع بالأمن بين ليلة وضحاها»، معرباً عن أمله تحقيق «تقدم تدريجي خلال 60 إلى 90 يوماً». وتوقع كايسي «البدء في التفكير في خفض القوات تبعاً للنتائج التي ستدفعنا لاتخاذ مثل هذه القرارات، والتي لن تظهر قبل أواخر الصيف». وأضاف أن «الاعتقالات الأخيرة التي طالت قادة فرق الموت تؤكد أن رئيس الوزراء نوري المالكي بدأ فعلاً اتخاذ خطوات وعد بها لحل الميليشيات الشيعية».
وكان الجيش الأميركي قد أعلن أن مفرزة من قوات عراقية خاصة اعتقلت أمس قيادياً في جيش المهدي مقرّباً من متهم بقيادة فرقة موت طائفية، يلّقب بـ«أبي درع»، لكن مصادر أمنية عراقية أكدت أن المعتقل هو الشيخ عبد الهادي الدراجي، مسؤول الإعلام في التيار الصدري، والمقرب من مقتدى الصدر.
وأضاف بيان الاحتلال أن الشخص المعتقل «مسؤول اللجنة الشرعية في مجموعة مسلحة متورطة في عمليات خطف منظمة، وتعذيب وقتل عراقيين أبرياء»، مشيراً إلى اعتقاله في منطقة البلديات شرق بغداد.
أما مصادر التيار الصدري، فأعلنت أن «قوة أميركية دهمت فجراً حسينية الزهراء في منطقة البلديات، واعتقلت الدراجي وأربعة من مرافقيه، بعد قتلها أحد الحراس».
وفي السياق، نفى النائب عن التيار الصدري فلاح حسن شنشل أن تكون الحكومة العراقية على علم بعملية اعتقال الدراجي، كاشفاً أنه أجرى اتصالات مع وزير الدفاع عبد القادر العبيدي، ومستشار الأمن الوطني موفق الربيعي، ونائب رئيس الوزراء برهم صالح، وقد أكدوا جميعاً «عدم علم الحكومة بعملية الاعتقال».
واتهم شنشل الاحتلال الأميركي بـ«محاولة جر التيار الصدري إلى مواجهة مسلحة، من خلال اعتقال قياداته»، مشيراً إلى أن عملية الاعتقال «جاءت على خلفية قرار التيار الصدري العودة إلى البرلمان والحكومة الاثنين المقبل».
كما اتهم شنشل القوات الأميركية بالسعي «لاستغلال الخطة الأمنية الجديدة، لتصفية معارضي وجودها في العراق، وعلى رأسهم التيار الصدري، لا لمكافحة الإرهاب كما تدعي».
بدوره، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن اعتقال الدراجي «لا يستهدف حركة الصدر بوصفها حركة سياسية، بل لاعتبارات أمنية تتعلق بالدراجي الذي سيُفرج عنه إذا برأته التحقيقات».
في هذا الوقت، قال نائب قائد قوات الاحتلال في العراق، الضابط البريطاني جريمي لامب، إن القوات البريطانية ستظل في العراق «طوال عام 2007، وربما خلال عام 2008، اذا طلبت حكومة بغداد استمرار المساعدة».
وكانت الصحف البريطانية قد كشفت أن لندن تعتزم تقليص عدد القوات في العراق بنحو ثلاثة آلاف بحلول نهاية أيار المقبل.
ميدانياً، أصيب ستة جنود بريطانيين بجروح في قصف بصواريخ الكاتيوشا على قاعدة بريطانية وسط مدينة البصرة.
وأعلن الاحتلال الأميركي مقتل أحد جنوده وإصابة ثلاثة آخرين في انفجار عبوة شمال غرب بغداد.
(أ ف ب، يو بي آي، د ب أ، رويترز)