لا تشير مواقف الرئيس الأميركي جورج بوش الى أنه ينوي التراجع عن اي بند في استراتيجيته بشأن العراق، رغم الارتفاع الملحوظ في عدد الضحايا العراقيين، وخاصة في العاصمة بغداد، محط اهتمام الاحتلال والحكومة العراقية، فضلاً عن التطور اللافت في عمليات المقاومة ضد الجيش الأميركي وما نجم عن ذلك من زيادة في الخسائر البشرية الاميركيةاقترح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي على الرئيس الأميركي جورج بوش «قبل شهرين» سحب القوات الأميركية من بغداد إفساحاً في المجال امام القوات العراقية لتسلم الامن في العاصمة، لكن الأخير رفض؛ حقيقة جديدة كشفتها الصحافة الاميركية أمس، بينما كانت بغداد تهتز على وقع سلسلة تفجيرات راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، في إشارة إلى الانفلات الأمني بالرغم من خطة بوش الأمنيةفقد أدى انفجار سيارتين مفخختين في سوق مزدحمة وسط بغداد الى مقتل 88 شخصاً وإصابة 170 آخرين بجروح. وعلى الفور هرعت سيارات الاسعاف الى ساحتي الانفجارين، وعملت على اجلاء الجرحى. كما اعلنت الشرطة العراقية مقتل 12 شخصاً وإصابة 29 آخرين في انفجار عبوة ناسفة وسقوط قذيفة هاون على سوق شعبي في مدينة الخالص، شمالي العاصمة. ولقي 13 عراقياً حتفهم وأصيب عدد مماثل بجروح في هجمات متفرقة في الموصل وتلعفر وبغداد.
وأعلن الاحتلال الأميركي مقتل اثنين من جنوده في هجومين منفصلين في محافظة الانبار.
في هذا الوقت، أعلنت شبكة «سي ان ان» الأميركية أن طائرة الهليكوبتر العسكرية الاميركية، التي تحطمت خارج بغداد السبت، وهو ما اسفر عن مقتل 12 جندياً كانوا على متنها، «اُسقطت بصاروخ يُطلق عن الكتف».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي «اقترح قبل شهرين على الرئيس الاميركي جورج بوش سحب القوات الاميركية من بغداد، وافساح المجال امام الحكومة لتولي مسؤولية الامن في العاصمة».
وأوضحت الصحيفة، نقلاً عن عدد من المسؤولين في الادارة الاميركية، ان المالكي قدم هذا الاقتراح الى بوش خلال لقائهما في العاصمة الاردنية عمان في 30 تشرين الثاني الماضي، مضيفة أن بوش «رفض هذه الفكرة بعد فترة وجيزة».
ورفض البيت الابيض التعليق على هذه المعلومات.
وتابعت الـ«واشنطن بوست» ان بوش «اتجه خلال مراجعته للاستراتيجية في العراق الى زيادة القوات، لكنه واجه مقاومة من قائد القوات الاميركية في العراق جورج كايسي ورؤساء الاركان».
وفي واشنطن، يسعى الاعضاء الديموقراطيون في الكونغرس الى اصدار قرار يندد بخطة بوش ارسال 21500 جندي الى العراق.
وقال السيناتور الديموقراطي كارل ليفن، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، إنها «ستكون رسالة قوية جداً، اذا اكدت غالبية من الحزبين في الكونغرس عدم موافقتها على زيادة الالتزام العسكري في العراق».
وقدم ليفن نص التنديد مع زميله جوزف بايدن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، والسيناتور الجمهوري تشاك هاغل، على أن يناقشها الكونغرس منتصف الاسبوع.
ورأى بايدن، في حديث تلفزيوني، ان «هناك حرباً اهلية (في العراق). هذا ما يتحتم على الرئيس (جورج بوش) مواجهته، وهو يقوم بذلك بطريقة غير مناسبة اطلاقاً»، مضيفاً أن بوش «لا يستمع الى العسكريين. لا يستمع الى وزراء الخارجية السابقين. لا يستمع الى اصدقائه القدامى. لا يستمع الى احد باستثناء (نائب الرئيس ديك) تشيني، وتشيني يفهم كل شيء بطريقة خاطئة».
بدوره، قال السيناتور الجمهوري جون ماكاين إنه «قد يصوّت ضد تعيين الجنرال جورج كايسي قائداً لأركان الجيش»، موضحاً أن لديه «مخاوف خطيرة للغاية بشأن تعيين الجنرال كايسي. وأنا قلق من فشل القيادة والرسالة التي ترسلها الى باقي الجيش».
ورفض بوش أمس القبول بتحديد جدول زمني لانسحاب أميركي من العراق.
وفي حديث لصحيفة «يو إس ايه توداي»، قال بوش «نحن في هذه الادارة لا نضع جداول زمنية، لأن العدو سيعدّل تكتيكه تبعاًً لما يلحظه من تحرك الولايات المتحدة»، مكرراً تحذيره لإيران «بوجوب عدم التدخل في العراق، من خلال تقديم اسلحة تُلحق الضرر بالقوات الأميركية، او بأي طرف آخر».
وأعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، أن السلطات العراقية «لا تزال تعمل على اطلاق (الشيخ عبد الهادي) الدراجي، كما وعد رئيس الوزراء (نوري المالكي)، لكن هناك تحقيقات تجري، وبالتأكيد سيكون هناك افراج عن الدراجي»، القيادي في التيار الصدري.
واعتقلت قوة عراقية ــ أميركية مشتركة الجمعة الدراجي، خلال دهم حسينية الزهراء في البلديات شرقي بغداد، بتهمة التورط في عمليات خطف وقتل.
من جهة اخرى، وصف الدباغ المؤتمر الذي عقد في تركيا منتصف الشهر الجاري بشأن مدينة كركوك بأنه «تدخل في الشأن العراقي»، معتبراً أن التصريحات التركية عن كركوك «لا تساهم في تقوية العلاقات بين البلدين».
ودعا الدباغ «الدول الاقليمية والعربية الى الا تكون مثل هذه المؤتمرات مهدِّدة لطبيعة العلاقات بين العراق وهذه الدول، وإلى احترام ارادة الشعب العراقي».
(الأخبار، أ ف ب، أ ب، رويترز، د ب أ)