موسكو ــ حبيب فوعاني
تسعى السعودية، على ما يبدو، إلى تقوية علاقاتها مع موسكو، في محاولة لترشيد دعمها لطهران، مستغلة رغبة روسيا في استعادة الدور السوفياتي على مساحة السياسة العالمية. ولعل زيارة الرئيس فلاديمير بوتين التاريخية إلى الرياض في 11 الشهر الجاري تأتي في هذا السياق

جدد أمين مجلس الأمن الروسي إيغور إيفانوف، أوّل من أمس، الدعوة إلى جدولة الانسحاب الأميركي من العراق، خلال محادثات مع نظيره السعودي الأمير بندر بن سلطان تناولت الوضع في الشرق الأوسط، وتكثيف التعاون الروسي السعودي في مجال مكافحة الإرهابونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، عن بيان لمجلس الأمن القومي الروسي، أنّه «تمّ إيلاء عناية خاصة بالعمل المشترك في مجال مكافحة الإرهاب والتهديدات وتحديات العصر»، إضافةً إلى التطرّق إلى البرنامج النووي الإيراني والوضع في العراق.
وأشارت الوكالة إلى أنّه تمّ «الاتفاق على ضرورة البحث عن حلول سلمية ودبلوماسية للأزمات الإقليمية»، كما تمّّ التدارس في شؤون أمن الطاقة، وجرى تشديد على «أهمّية تطوير علاقات الشراكة بين موسكو والرياض».
وتطابقت الزيارة مع إعلان الكرملين، رسمياً، عن قيام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة إلى الرياض في 11 شباط الجاري، كان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أشار إليها في مؤتمر صحافي أوّل من أمس، عندما أعلن أنّ وجود بندر في موسكو هو «للإعداد لزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وللبحث مع المسؤولين الروس في الاتفاقيات التي ستوقّع بين البلدين خلال الزيارة».
وبالتالي يتّضح أنّ مباحثات الأمير بندر مع إيفانوف تشكّل تحديداً أساسيّاً لمحاور هدف الزيارة التاريخية الأولى لرئيس روسي إلى الرياض، منذ عام 1926، عندما أعلن الاتحاد السوفياتي اعترافه بالسعوديّة، وإقامة علاقات دبلوماسية معها، ما برحت أن انقطعت بسبب الخلافات الإيديولوجيّة.
وكان إيفانوف قد ذكر، بعد لقائه البندر، أنّه مرتاح للمشاورات. وشدّد على أنّ زيارة بوتين للمملكة لن تكون شكلية، وأنّه أُعِدّ لها مطوّلاً وبجدية لأن «الأمر يتعلّق بأمن الخليج»، مشيراً إلى احتمال توقيع اتفاقيّات اقتصادية وثقافية، ومناقشة شؤون التعاون التجاري وبناء السكك الحديدية والتعاون العسكري.
ومن الواضح أنّ السعودية، المتخوّفة من تنامي النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، «بسبب الأخطاء الأميركية البشعة» وتزايد شعبية حزب الله بعد حرب تمّوز الماضي، تريد التنسيق مع موسكو، وترشيد الدعم الروسي لشريكتها الاستراتيجية إيران.
ووفقاً لمصادر دبلوماسية عربيّة في موسكو، جرت مفاوضات بين خبراء عسكريين سعوديين وروس، بهدف بحث إمكان تزويد المملكة بنحو 150 دبابة روسية حديثة من طراز “تي أس ــ 90”، بعد تجربتها في الأراضي السعودية الصحراوية مطلع العام الماضي، رغم أنّ تسليح القوّات السعودية هو غربي بالكامل.
وكان إيفانوف قد شدّد، في إطار الأزمة الإقليميّة، خلال مؤتمر صحافي عقده لدى عودته من زيارة إلى طهران أوّل من أمس، على أنّ «من الضروري إطلاق مفاوضات مع الممثلين الشرعيين للشعب العراقي، تُحَدَّد خلالها خطة تحرّك مستقبلي، تنصّ على جدول زمني لانسحاب قوّات الاحتلال ونقل السلطات إلى ممثلي الشعب العراقي»، مشيراً إلى أنّ الوضع في هذا البلد «غير مقبول».
وأشار ايفانوف، في ما يتعلّق بملفّ إيران النووي، إلى أنّه لدى طهران الكثير من الشكوك حول مبادرة الأمين العام للوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية محمّد البرادعي، التي تقترح تجميد تخصيب اليورانيوم في مقابل إيقاف العقوبات المفروضة عليها.
(الأخبار، يو بي آي، أ ف ب)