غزة ــ رائد لافي
تفاقمت الأزمة الفلسطينية الداخلية أمس، بعد رد الفعل الغاضب من حركة “فتح” واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية على تصريحات وزير شؤون اللاجئين الدكتور عاطف عدوان، الذي هاجم بشدة الرئيس محمود عباس وأعضاء اللجنة، في وقت تسرّبت فيه ملامح “خيار” ابو مازن للأزمة الحكومية، مع ترجيح كفة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة، وسط أنباء عن زيارة قريبة لوزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لدعم هذا الخيار.
ورأى المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية، نبيل أبو ردينة، أن تصريحات عدوان “تعطي إشارات خطيرة إلى نيات تقسيم الوطن وتمثل فجاجةً وتعصباً أعمى وتفكيراً منغلقاً يؤسس لفتنة عمياء”، واصفاً التصريحات بأنها “كلام أحمق صدر عن وزير مسؤول”.
وطالبت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المجلس التشريعي باتخاذ إجراء حازم بحق عدوان، ورفع الحصانة الديبلوماسية عنه، علاوة على إقالته من الحكومة.
ووصفت اللجنة، في بيان أمس، تصريحات عدوان بـ “الوقاحة التي تطاولت على عباس والقيادة السياسية للشعب الفلسطيني”. واستغربت استمرار “حماس” بالسماح لممثلين عنها في الداخل والخارج بمواصلة حملات ذات طابع وصفته بالعدائي ضد كل من يختلف عنهم في الرأي وضد هيئات منظمة التحرير وقيادتها.
وكان عدوان قد قال “إن انتقال عباس من رام الله إلى غزة فجأة يثير بعض علامات الاستفهام حول المشاكل التي يمكن أن يؤسسها هذا الانتقال، لأنه يريد مواجهة حماس في عقر دارها، وإن هذه الزيارة ليست مريحة في هذا الوقت ولا تشير إلى خير”.
ووصف عدوان عباس بأنه “أداة في يد الولايات المتحدة”. وهاجم أعضاء اللجنة التنفيذية ووصفهم بأنهم “مجموعة من العجائز لا يمثلون إلا أنفسهم، وهمّهم تنفيذ سياسة أميركا حتى لو على حساب الشعب الفلسطيني”.
واتهم عدوان عباس بأنه جاء إلى غزة ليس برغبة منه بل بناء على “طلب خارجي”، مشيراً إلى أنه “كان يفضل المكوث في رام الله حسبما أعلن في وقت سابق، فما الذي حدث فجأة وجعله يأتي إلى غزة؟”.
وكان المتحدث باسم حركة “فتح”، أحمد عبد الرحمن، أكثر حدة، ووصف عدوان بـ “الشخص غير المتزن عقلياً، وأنه بحاجة إلى فحص قواه العقلية”. وتساءل “هل حماس قادرة على ان تقود هذا الشعب، وأن تنهي الأوضاع المتردية التي وصلنا إليها؟”.
من جهة ثانية، رجّح عضو اللجنة المركزية لحركة “فتح”، النائب نبيل شعث، أن يصار إلى اللجوء إلى استفتاء شعبي أو انتخابات مبكرة كخيار ديموقراطي للوصول إلى حكومة وحدة وطنية قادرة على فك الحصار عن الشعب الفلسطيني.
وقال عضو اللجنة التي كلفها عباس دراسة الخيارات، صالح رأفت: “ندرس اقتراحات عديدة في مقدمها اجراء استفتاء شعبي على اجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة”. وأوضح أن “عباس يبدو هذه المرة مقتنعاً تماماً باتخاذ خطوات حاسمة، لأنه منح حماس ستة اشهر من الحوار من دون نتيجة”.
إلى ذلك، ذكرت مصادر فلسطينية رفيعة المستوى أمس، أن مؤسسة الرئاسة الفلسطينية تلقّت إخطاراً من الادارة الأميركية بأن رايس ستعود إلى الاراضي الفلسطينية وإسرائيل خلال الايام القليلة المقبلة لإقناع عباس بضرورة إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية شاملة.
ونقلت وكالة “سما” الفلسطينية المستقلة للانباء عن المصادر قولها “ستركز رايس اهتمامها على الشأن الفلسطيني وموضوع التهدئة التي أصبحت في مهب الريح بعد سلسلة خروق من الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي”.
وقالت المصادر نفسها إن رايس أبلغت عباس خلال لقائهما الاخير في مدينة أريحا بأنه لا بد من العمل على حل الازمة السياسية في الساحة الفلسطينية، وإن “المخرج من هذه الازمة يتطلب إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية مبكرة”.
إلى ذلك، قال وزير الشؤون الخارجية محمود الزهار، إن “أي محاولة لاستئناف الحوار بناء على الأسس القديمة ستفشل، ولذلك يجب أن يبدأ البناء على معطيات جديدة”، من دون أن يوضح طبيعة هذه المعطيات. وشدد على أن البديل لهذا الخيار هو استمرار الحكومة الحالية.
ميدانياً، قالت مصادر طبية فلسطينية في مستشفى الشهيد كمال عدوان في شمال القطاع، إن الشاب حسن أبو ثريا (20 عاماً) أصيب بجروح متوسطة في ساقه جراء إطلاق قوات الاحتلال النار عليه أثناء رعيه الأغنام بالقرب من القرية البدوية شمال بلدة بيت لاهيا.
وفي الضفة الغربية، واصلت قوات الاحتلال حملات الاعتقال اليومية ضد نشطاء وقادة فصائل المقاومة، حيث اعتقلت في مدينة بيت لحم عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية محمود فنون واقتادته إلى جهة مجهولة.