يبدو أن ليبيا تشهد حالياً صراعاً بين أنصار اصلاح النظام بقيادة سيف الاسلام القذافي، ابن الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي، وبين الحرس القديم بقيادة نائب رئيس البرلمان أحمد ابراهيم، منذ أن بدأت البلاد انفتاحها على العالم في نهاية 2003.وطالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” أول من أمس بالإفراج فوراً عن المُعارض الليبي ادريس محمد بوفايد، الذي اعتقل في الخامس من تشرين الثاني الماضي.
وقال رئيس الرابطة الليبية لحقوق الانسان، سليمان بوشويغير، المقيم في جنيف، إنه يعتقد أن “محمد بوفايد هو ضحية جديدة للصراع الدائر في ليبيا بين الراغبين في انفتاح ديموقراطي والذين يريدون ابقاء الاوضاع على ما هي عليه”.
وكان بوفايد، وهو طبيب في التاسعة والاربعين من عمره، قد عاد في ايلول الماضي الى ليبيا بعد 16 عاماً امضاها في سويسرا من اجل قيادة الاتحاد الوطني للإصلاح، وهو تنظيم أسسه منذ عام ونصف.
وأضاف بوشويغير أن “انفتاح ليبيا على المجتمع الدولي بعد تخليها عن برنامج أسلحة الدمار الشامل في نهاية 2003 أدى الى انقسام داخل نظام القذافي”. وتابع أن “هناك صراعاً بين المحافظين بقيادة الامين المساعد لمؤتمر الشعب العام احمد ابراهيم وبين سيف الاسلام القذافي”.
وقالت مديرة فرع “هيومن رايتس ووتش” في الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، سارة لي ويتسون، “قد تكون ليبيا منفتحة على العالم، لكن الحكومة لا تزال تحتجز منتقديها”.
وأضافت ان “الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي لا ينبغي أن يظلا صامتين لمجرد أن ليبيا تتعاون معهما في مكافحة الارهاب او لأن لديهما استثمارات نفطية فيها”.
ورأى سعد جبار، وهو نائب رئيس مركز دراسات شمال افريقيا في جامعة كمبردج، أن “النظام الليبي تصالح مع العالم الخارجي لكنه لم يتصالح بعد مع شعبه”.
وأضاف أن “سيف الاسلام لا يسعى إلى قلب النظام ولا تغييره من أعلى، لكنه يعارض بعض الممارسات مثل الفساد والبيروقراطية وقلة الفاعلية، ويقول إن الوقت حان لبعض الاجراءات السياسية والاقتصادية التي تكفل المحاسبة”.
ويعتقد جبار أن “هناك عناصر تؤلّف قاعدة النظام، وهم من الثوريين السابقين الذين تحوّلوا إلى جامعين للثروة وباتوا يؤلّفون مجموعة ضغط تعارض أي شكل من اشكال الإصلاح”.
وقاد سيف الاسلام، الذي كان يعدّ خليفة محتملاً لوالده، حملة من اجل عودة المعارضين الليبيين من الخارج، لكن الاضطهاد السياسي لا يزال مستمراً ويستدعي ضغوطاً خارجية.
وكان سيف الاسلام القذافي قد وجّه انتقادات لاذعة للنظام القائم ودعا الى “الانتقال من الثورة الى الدولة” وإلى وضع دستور دائم للبلاد.
وانتقد سيف الاسلام (36 عاماً) “حالة الفوضى” السائدة في ليبيا، ورأى انها عائدة إلى “غياب الدستور والقوانين”، متهماً “المافيا الليبية” بالتصدي للمشاريع الاصلاحية، وهو ما أدى إلى صدام مع والده، انتهى بإعلان مغادرة سيف الإسلام ليبيا “للعمل في الخارج”.
(ا ف ب)