مثل غيتس أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، فقال إنه لا نصر في العراق، وسوريا لن تهاجم، وإيران لن تهاجم إلا كخيار أخير، وبالتالي فإنه يجاري المزاج الأميركي العام، كما الدولي، من أجل تسهيل تثبيت تعيينه على رأس البنتاغون. لكن هل يبقى على هذا الموقف، أو على الأقل، هل يملك القدرة على تعديل مسار الإدارة الأميركية؟أقرّ وزير الدفاع الأميركي المرشح روبرت غيتس أمس بأن الولايات المتحدة لا تحقق نصراً في الحرب في العراق، متعهداً دراسة كل الخيارات لإنجاح المهمة الأميركية في هذا البلد، ومعلناً معارضته مهاجمة إيران، إلا إذا كان ذلك «خياراً أخيراً ووحيداً»، فضلاً عن معارضته شن أي هجوم على سوريا.
وخضع غيتس، الذي اختاره الرئيس الأميركي جورج بوش لخلافة دونالد رامسفيلد، لجلسة استماع حامية لتثبيت تعيينه أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس.
وخلال الجلسة، سأله السيناتور الديموقراطي كارل ليفين: «هل تعتقد أننا نحقق حالياً النصر في العراق؟». فأجاب غيتس: «لا يا سيدي»، في تصريح يتناقض بشكل كبير مع تصريحات لبوش في مؤتمر صحافي عقده في 25 تشرين الأول الماضي وقال فيها: «نحن نكسب وسنكسب الحرب في العراق».
وجاءت الجلسة في مستهل أسبوع حساس في مسار السياسة الأميركية في العراق، حيث من المقرر أن ينشر اليوم تقرير مجموعة الدراسات الأميركية عن العراق التي يرأسها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر والنائب الديموقراطي السابق لي هاملتون.
ورغم أن غيتس (63 عاماً)، الذي كان عضواً في لجنة بيكر ــ هاميلتون، أكد أنه منفتح على تغيير الاستراتيجية في العراق، إلا أنه قال إن «الرئيس (بوش) هو الذي سيقرر أي تغييرات، في حال وجودها، على مسارنا». وأضاف: «أنا منفتح على الأفكار البديلة حول استراتيجياتنا وتكتيكاتنا المستقبلية في العراق».
ورداً على سؤال عن الاستراتيجيات الممكنة في العراق، قال غيتس إن «كل الخيارات مطروحة على الطاولة». وأوضح أنه «يجب أن نعمل معاً لتطوير استراتيجية لا تترك العراق في حالة فوضى وتحمي مصالحنا في المنطقة وآمالنا على المدى الطويل».
من ناحية أخرى، اعلن غيتس انه يعارض مهاجمة ايران الا اذا كان ذلك «خياراً اخيراً ووحيداً»، مشيراً الى أن أي عملية عسكرية ضد الجمهورية الإسلامية سيكون لها اثر «كبير» على الامن الاميركي.
وأوضح غيتس، في رد على سؤال للسيناتور الديموقراطي روبرت بيرد: «لقد رأينا في العراق كيف انه عندما تبدأ الحرب، فإنه يصبح من الصعب التوقع بما يحدث فيها، وانعكاسات اي نزاع عسكري مع ايران يمكن ان تكون كبيرة للغاية». وتابع: «ولذلك فإنني سأعارض أي عمل عسكري، إلا إذا كان الخيار الأخير».
ورداً على سؤال عما اذا كان سيوافق على شن هجوم على سوريا، اجاب: «لا يا سيدي».
ورأى غيتس انه سيكون من المفيد فتح قنوات اتصال مباشرة مع ايران وسوريا، الا انه قال إنه نظراً لموقف ايران من الولايات المتحدة، فإنه «غير متفائل» في أن المحادثات ستنجح.
وأكد غيتس ان على واشنطن أن تدرس «الحوافز والموانع» بالنسبة لتعاون ايران وسوريا مع الجهود الاميركية لإحلال الاستقرار في العراق.
وقال انه يفضل ابقاء الخيارات مفتوحة بالنسبة لإجراء الولايات المتحدة مفاوضات مع خصومها.
وذكرت صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز» ان غيتس قال في بيان قدمه الى الكونغرس، إنه «ليس بالضرورة ان يكون حوارنا مع سوريا أحادياً. يمكن على سبيل المثال ان يأخذ شكل مشاركة سورية في مؤتمر اقليمي». وأضاف ان «الحوار مع ايران يمكن ان يكون جزءاً من مؤتمر دولي». كما انتقد ادارة الحرب حتى الآن، وكتب يقول: «الآن بعدما وضحت الامور، فربما كنت سأفعل الامور بشكل مختلف».
وقبل ان يتوجه لمواجهة اللجنة أمس، قال بوش انه يتوقع ان يقوم غيتس بـ«عمل ممتاز» إذا ما وافقت اللجنة على تثبيت تعيينه المرجح ان يتم في وقت لاحق من هذا الاسبوع من قبل مجلس الشيوخ ليحل محل دونالد رامسفيلد (74 عاماً) الذي تولى ذلك المنصب في كانون الثاني 2001.
وبعد لقاء مع غيتس في البيت الابيض، قال بوش ان مرشحه، المدير السابق لـ«وكالة الاستخبارات المركزية» (سي اي ايه)، «يحترم من يتطوعون لخدمة بلادهم».
وسيرث غيتس، الخبير في خصوم الولايات المتحدة في الحرب الباردة، مهمة عسكرية في العراق يشوبها صراع طائفي متزايد، ومهمة أخرى في افغانستان التي تصاعد فيها العنف خلال العام الماضي.
وعمل غيتس نائباً لمدير الـ«سي آي إيه» اثناء رئاسة رونالد ريغان في الثمانينيات ثم نائباً لمستشار الامن القومي من عام 1989 وحتى 1991.
ثم عمل مديراً لـ«سي آي إيه» تحت ادارة الرئيس الاميركي السابق جورج بوش الأب من عام 1991 حتى 1993. وبعد ان ترك العمل في الـ«سي آي إيه»، عمل غيتس رئيساً لجامعة «تكساس ايه اند ام».
(أ ب، أ ف ب، رويترز)