توالت ردود الفعل الدولية على تقرير مجموعة الدراسات في شأن العراق، الذي دعا الى تغيير في الاستراتيجية الأميركية المتّبعة في هذا البلد وخلص الى ما يشبه إعلان فشلها، فضلاً عن التوصية بإجراء محادثات مع إيران وسوريا.ولم يعلن الرئيس الأميركي جورج بوش عن موقفه من التوصيات الـ79 المدرجة في تقرير المجموعة، التي يرأسها وزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر والسناتور الديموقراطي السابق لي هاملتون، إلا أنه تعهد الرد سريعاً عليها.
وأشاد الرئيس الأميركي بـ«الفرصة» المتاحة من خلال تعاون المجموعة المؤلفة من جمهوريين وديموقراطيين بالتساوي، من أجل التوصل الى تهدئة سياسية. وقال «أعتقد أن العراق سئم مشاجرات واشنطن السياسية البحتة. هذا التقرير يتيح لنا جميعاً فرصة لإيجاد أرضية توافق من أجل مصلحة البلاد وليس من أجل مصلحة الحزب الجمهوري ولا الحزب الديموقراطي».
وذكرت مصادر مطلعة أن توصيات «بيكر ـــ هاملتون» تحظى بتأييد وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس ووكيلها للشؤون السياسية نيكولاس بيرنز ومدير مجلس الاستخبارات القومي جون نغروبونتي، كما تحظى بدعم وزير الدفاع الأميركي الجديد روبرت غيتس.
ورأت اللجنة الأميركية اليهودية، وهي إحدى منظمات اللوبي اليهودي المتطرفة في واشنطن، أن «التقرير لا يوضح الغرض من عقد مفاوضات بين إسرائيل وأولئك الفلسطينيين المعتدلين الذين لا يملكون السلطة لعقد اتفاقات وتطبيقها». ودعت اللجنة، في بيان لها، سوريا إلى ممارسة الضغط على «حركة المقاومة الإسلامية» (حماس) للاعتراف بإسرائيل.
وفيما لم يصدر تعليق رسمي علني من منظمة اللوبي اليهودي ـــ الإسرائيلي المعروفة باسم «إيباك» في شأن توصيات التقرير، أرسلت المنظمة رسالة إلكترونية تقول إن «إيران رفضت جهوداً أميركية سابقة للانخراط مع قيادتها، وقد انتهت إلى التمسك بمواصلة برنامجها النووي».
كما أن العضو الديموقراطي البارز في مجلس الشيوخ الأميركي الموالي لإسرائيل، توم لانتوس، أبدى اعتراضه على توصية التقرير في شأن تسوية الصراع العربي ــــ الإسرائيلي. وقال «ليس هناك أساس للاستنتاج بأن قرار حل المشكلة الإسرائيلية ـــ الفلسطينية هو مسألة مركزية لحل قضية العراق»، مضيفاً إن «هناك الكثير من الأسباب التي تشجع على بذل جهود جدية لحل المشكلة الإسرائيلية ـــ الفلسطينية، ولكن العراق ليس أحدها».
ورحبت وزيرة الخارجية البريطانية مارغريت بيكت، أول من أمس، بتقرير بيكر ـــ هاملتون، مؤكدة أن نتائجه تتطابق «بشكل عام» مع رأي لندن. ورأت بيكيت أن هذا التقرير يمثل «عملاً جوهرياً ومعقداً»، مشيرة الى أن رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير شارك الشهر الماضي في المشاورات التي سبقت صياغة التقرير. لكنّ بيكيت لم تشأ الذهاب أبعد من ذلك، موضحة أن لندن تريد أولاً «قراءة التقرير وتوصياته الكثيرة».
ورحبّت فرنسا كذلك بالنتيجة «الواضحة» لتقرير «بيكر ـــ هاملتون». وقال وزير الخارجية الفرنسي، فيليب دوست بلازي، في بيان أمس، إن «النتيجة التي توصلت اليها مجموعة بيكر ـــ هاملتون واضحة، إنها تعكس من وجهة نظرنا الوضع الراهن في العراق». وأضاف «كما قالت فرنسا دائماً، لا حلّ عسكرياً للأزمة العميقة التي يشهدها العراق»، مشيرة الى أن «التقرير لا يحدد جدولاً زمنياً واضحاً للانسحاب، لكنه يضع أفقاً، وهذا رأينا أيضاً».
وأكد الوزير الفرنسي، في بيانه، أنه «يؤيد دعوة الولايات المتحدة الى التزام تسوية النزاع الإسرائيلي ـــ الفلسطيني في شكل كامل، ما يسمح بتوفير هوامش مناورة لمعالجة الأزمات الأخرى التي تشهدها المنطقة».
وفي ما يتصل باقتراح إجراء حوار مباشر مع سوريا وإيران، ذكر دوست بلازي أن فرنسا «شدَّدت غالباً على ضرورة إشراك جميع دول المنطقة إذا أبدت نية للمساهمة في ضمان استقرار العراق».
وأعربت جامعة الدول العربية عن دهشتها لتجاهل تقرير بيكر ـــ هاملتون «حقوق الشعب العراقي واقتصرت أولوياته على ضمان هيبة ومصالح الولايات المتحدة وحفظ ماء الوجه للإدارة الأميركية».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز، يو بي آي، أ ب)