غزة ــ رائد لافي
التوجّه إلى انتخابات مبكرة، مع ما يحمله هذا الخيار من مخاطر على الساحة الفلسطينية، هو ما رأته منظمة التحرير صواباً في المرحلة الحالية من الأزمة، التي يبدو طريقها مجهولاً إلى بر الانتخابات

... وأخيراً، كشفت اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية خيارات الرئيس محمود عباس للخروج من الأزمة الحالية، وهي الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة، الأمر الذي رفضته «حماس» بشدة، متوعدة بهزم أبو مازن في الانتخابات الرئاسية، فيما بدأت معالم الفوضى تعبّر عن نفسها، بعد تظاهرات منتسبي الأجهزة الأمنية أول من أمس، في مظاهر مختلفة كان آخرها نجاة وزير الداخلية سعيد صيام من محاولة اغتيال.
وشدّد عدد من المسؤولين الفلسطينيين أمس على أن عباس مصمّم على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة رغم معارضة “حماس”. وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صالح رأفت، إن “عباس كان في اجتماع اللجنة التنفيذية الذي عقد السبت الأكثر تصميماً على الدعوة إلى إجراء الانتخابات المبكرة الرئاسية والتشريعية”.
ونقل رأفت عن عباس قوله “إن الحوار مع حركة حماس وصل إلى طريق مسدود، وحماس تضيّع الوقت، ولا يمكن استمرار الحوار الى الابد من دون نتائج”. وأوضح أن عباس قال أيضاً “إنه مستعد لتأليف حكومة وحدة وطنية لا يكون فيها أي وزير من حركة فتح، لكن المهم أن تلتزم برنامج منظمة التحرير الفلسطينية والاتفاقات الموقّعة وتستطيع فك الحصار عن شعبنا”.
وأضاف رأفت إن اللجنة التنفيذية “قررت تفعيل دوائر المنظمة وإعادة تنشيطها، وقد كلف الرئيس عباس عضو اللجنة ياسر عبد ربه تولي منصب أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة، علماً بأن هذا المنصب كان يتولاه عباس قبل وفاة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وبقي المنصب شاغراً حتى الآن”.
ورأى المتحدث باسم حركة “فتح”، أحمد عبد الرحمن، أن توجهات اللجنة التنفيذية بالعودة إلى حكم الشعب الفلسطيني “تستهدف إنهاء حالة الخلاف والصراع الداخلي لحسم القضية التي تتعلق أساساً بالبرنامج الوطني”.
ورجّح المستشار الرئاسي نبيل عمرو أن يُلقي عباس خطاباً شاملاً السبت المقبل “قد” يعلن فيه الدعوة الى انتخابات مبكرة. وأوضح أن “عباس سيتحدث عن توصية اللجنة التنفيذية بالدعوة إلى انتخابات مبكرة. لقد بدأ دراسة هذه التوصية وقد يعلن ذلك في خطابه”.
أمّا “حماس” فقد رفضت من جهتها توصيات هذه اللجنة. ورأى وزير الإعلام الفلسطيني، يوسف رزقه، أن توصية اللجنة ليست عملية وغير قابلة للتنفيذ من دون التوافق الداخلي. وعزا ذلك إلى “غياب المرجعية الدستورية المؤيدة لها، ولكون المجلس التشريعي سيد نفسه، إلى جانب أن جزءاً كبيراً من النواب رهن الاختطاف لدى الاحتلال الإسرائيلي”.
وقال المستشار السياسي لرئيس الوزراء، أحمد يوسف، في بيان له، إن “السلطة لها قانون أساسي، وصلاحيات الرئيس فيه واضحة، وليس من حقه الدعوة إلى انتخابات مبكرة، فالحكومة الحالية لم يمض عليها عام”.
وقال وزير شؤون اللاجئين، عاطف عدوان، إن توصيات اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير مرفوضة نظرا “لانتهاء صلاحيات تلك اللجنة، إضافة إلى أن المجلس الوطني الفلسطيني يجب أن يجدد كل أربع سنوات. ثانياً هذه اللجنة تفتقد النصاب القانوني”. وأضاف إن “تلك اللجنة لا تجتمع إلا لمزيد من التوترات”.
أما وزير الشؤون الخارجية الفلسطيني، محمود الزهار، فأشار من جهته إلى أن “حماس” ستشارك في أي انتخابات رئاسية مقبلة وستفوز بها، معتبراً أن الهدف من الاستفتاء هو الالتفاف على الانتخابات، رافضاً تكريس مفهوم الذي “يرسب يعيد الانتخابات”. وقال إن “من تعب من الرئاسة فليستقل، وعندئذ نجري انتخابات رئاسية وسنفوز بها”.
ونقل موقع “قدس نت” على شبكة الانترنت عن مصادر فلسطينية رفيعة المستوى قولها إن “عباس سيقدم استقالته بعد خمسة أيام من إلقائه خطابه المنتظر، وسترشح حركة فتح الأسير مروان البرغوثي القيادي في الحركة لخوض الانتخابات المقبلة”. لكنّ مستشار عباس، نبيل شعث، نفى ذلك، مشيراً إلى أن استقالة أبو مازن مرتبطة بتحديد موعد للانتخابات الرئاسية.
وخرجت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عن إجماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بإعلانها رفض توصية اللجنة لعباس بالدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة. وقال عضو المكتب السياسي للجبهة رباح مهنا إن توصية اللجنة التنفيذية ليست حلاً للأزمة الراهنة، بل “ستزيد من تعقيدات الوضع الفلسطيني الداخلي، إضافة إلى التكاليف الباهظة لتنظيمها في وقت يعاني فيه شعبنا الفقر والبطالة والصعوبات المالية”.
واستمراراً لتنامي ظاهرة الفلتان الأمني المختلطة بحال من السجال الحاد بين الجانبين، نجا وزير الداخلية والأمن الوطني الفلسطيني سعيد صيام من محاولة اغتيال استهدفته، عندما أطلق مسلحون مجهولون النار على موكبه في شارع الجلاء الرئيس وسط مدينة غزة.
وقالت مصادر في وزارة الداخلية إن صيام أو أحداً من مرافقيه لم يصب بأذى جراء عملية إطلاق النار. وأعلن الناطق باسم الوزارة، خالد أبو هلال، أن القوة التنفيذية ألقت القبض على المسلحين الأربعة، الذين كانوا داخل السيارة المعتدية، ويجري التحقيق معهم لمعرفة الجهة التي ينتمون إليها.
وكان المئات من منتسبي الأجهزة الأمنية قد خرجوا في تظاهرات غاضبة في قطاع غزة، أول من أمس، احتجاجاً على عدم تسلّمهم رواتبهم كاملة منذ ثمانية أشهر.
واعتدى عناصر الأجهزة الأمنية على مقر المجلس التشريعي في مدينة غزة، وسط إطلاق نار كثيف ما أدى إلى إصابة اثنين من الموظفين بجروح.
وأطلق المتظاهرون شعارات وهتافات وشتائم طاولت قادة ونواب حركة “حماس” والوزراء في الحكومة الفلسطينية، وطالبوا عباس بإقالة الحكومة.