غزة ــ رائد لافي
الاحتلال يمنع هنية من إدخال 250 مليون دولار... والفوضى الأمنية تتصاعد

على وقع الفوضى الأمنية التي تجتاح الأراضي الفلسطينية، بدا أمس أن الأنظار تتجه إلى زيارة رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير، الذي تشير مصادر إلى أنه يحمل في جعبته مبادرة أوروبية لحل شرق أوسطي، قد تعدّل الموازين السياسية في الداخل الفلسطيني، ولا سيما أنها تتجه إلى القبول بموقف “حماس” لجهة عدم الاعتراف بإسرائيل.
وأظهرت الحكومة الفلسطينية، التي ترأسها حركة “حماس”، قدراً كبيراً من الرهان على الموقف الأوروبي خلال الساعات القليلة الماضية، وذلك قبل ثلاثة أيام من الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء البريطاني لرام الله.
وكشف مصدر فلسطيني مطلع، لـ“الأخبار” أمس، أن بلير يحمل معه أفكاراً جديدة سيعرضها على الرئيس محمود عباس، والحكومة الإسرائيلية، وتتضمن رؤية أوروبية للخروج من الأزمة.
وقال المصدر إن الأفكار، التي عُمل على بلورتها خلال اجتماعات غير معلنة بين قادة في حركة “حماس” وأطراف أوروبية فاعلة، تتضمن ثلاثة بنود رئيسة، تستند إلى تفهّم أوروبي لعدم اعتراف حركة “حماس” بإسرائيل، والاستعاضة من ذلك بهدنة طويلة نسبياً تمتد ما بين خمس إلى عشر سنوات، يسبقها تعزيز أجواء التهدئة القائمة حالياً. وأضاف أن بلير أطلع الإدارة الأميركية وإسرائيل والرئاسة الفلسطينية على الأفكار التي يحملها، وحصل على ما يشبه “الضمانات” بعدم سعي الأطراف ذات العلاقة إلى إفشال مهمته، على اعتبار أن حزب “العمال” البريطاني لا يحتمل أي تعرض للفشل، في ظل الضغوط الداخلية التي يواجهها في بريطانيا.
وكان عباس قد أرجأ إلى يوم غد السبت، خطاباً كان من المقرر أن يلقيه السبت الماضي، من دون إيضاح الأسباب. إلا أن المصدر أشار إلى أن “عباس أرجأ الخطاب بعدما عُرضت الأفكار الأوروبية الجديدة عليه لدراستها”. ورجّح المصدر أن يعلن عباس في خطابه المرتقب منح الحكومة “الحمساوية” فرصة ثلاثة أشهر للعمل على فك الحصار وإيجاد حلول للخروج من الأزمة، وذلك بالتوافق مع الأوروبيين، الذين طرأ تغير مهم على نظرتهم تجاه حركة “حماس”، وباتوا يؤيدون “منحها فرصة”.
في هذا الوقت، لم يتمكن رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية أمس من الدخول إلى قطاع غزة عبر معبر رفح، بعدما اغلقته سلطات الاحتلال.
وقطع هنية جولته الخارجية وقرر العودة إلى قطاع غزة، بسبب تنامي ظاهرة الفلتان الأمني والاغتيالات السياسية، غير أن مصادر إعلامية في حركة “حماس” قالت إن سلطات الاحتلال أغلقت معبر رفح الحدودي مع مصر لمنع هنية من إدخال 250 مليون دولار.
وأفاد مصدر فلسطيني مطلع أن “العشرات من أفراد القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية وغالبيتهم من عناصر كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، اقتحموا معبر رفح ودخلوا صالات الوصول والمغادرة”.
وذكر شهود عيان أن المسلحين اشتبكوا بالأسلحة الرشاشة مع قوات الحرس الخاص التابعة للرئيس الفلسطيني المسيطرة على معبر رفح.
وبعد تدخّل مصري، تمكّن هنية من اجتياز المعبر، لكن من دون الأموال. وذكرت مصادر أن مدير الاستخبارات المصرية عمر سليمان توصل إلى حل وسط مع السلطات الاسرائيلية واتفق على فتح المعبر ودخول هنية إلى القطاع وإبقاء أموال التبرعات في مصر.
كانت مصادر أمنية فلسطينية مطلعة ذكرت أن هنية ترك الأموال مع مساعديه غازي حمد ومحمد عوض.
وفي سياق الفوضى الأمنية المستشرية في القطاع، أعلنت “ألوية الناصر صلاح الدين”، الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، مسؤوليتها عن اختطاف ضابط في جهاز الاستخبارات العامة، رداً على اختطاف جهاز الاستخبارات أحد عناصر الألوية في مدينة غزة.
وقال المتحدث باسم الألوية، أبو عبير، إن مجموعة من الألوية اختطفت الرائد في جهاز الاستخبارات محمد صيام، مشيراً إلى أنه سيبقى رهن الاختطاف إلى حين إطلاق سراح هشام مخيمر الناشط في الألوية. ونفى أبو عبير بشكل قاطع علاقة مخيمر بجريمة قتل الأطفال الثلاثة في مدينة غزة، ونفى في الوقت نفسه أي علاقة للألوية بهذه الجريمة. وكان اشتباك مسلح دار بين مسلحين من ألوية الناصر صلاح الدين وعناصر جهاز الاستخبارات العامة لدى محاولة اختطاف مخيمر. ووفقاً لمصادر طبية فلسطينية، فإن فلسطينيين أصيبا بجروح، بينهما عنصر في الاستخبارات أصيب بعيار ناري في الرقبة وحالته خطرة.
وفي مدينة خان يونس، أصيب الشابان محمد يوسف أبو جزر (28 سنة) وحسن بكر (29 سنة)، بجروح خطيرة نتيجة انفجار جسم مشبوه غربي المدينة.
وفي سياق حرب الاتهامات بين “فتح” و“حماس”، حمّل أمين سر كتلة “حماس” البرلمانية النائب مشير المصري القيادي في حركة “فتح” النائب محمد دحلان مسؤولية قيادة تيار انقلابي يمارس “الفوضى الخلّاقة” التي أرادتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، وتنفيذ مخطط الانفلات الأمني المبرمج.
واتهم المصري دحلان بـ“تنفيذ السياسة الأميركية في العراق بقتل العلماء واغتيال القاضي بسام الفرا، وهو الذي تعهد من قبل بترقيص الحكومة خمسة بلدي”.
بدوره، دعا رئيس هيئة الاذاعة والتلفزيون الفلسطينية باسم أبو سمية قيادات ووزراء حركة «حماس» إلى “الالتحاق بعيادة نفسية للعلاج من علة كيل الاتهامات والتحريض”. وقال “طفح الكيل من اتهامات التخوين والتكفير».
ميدانياً، واصلت قوات الاحتلال الخروق التي ترتكبها يومياً في حق التهدئة المعلنة منذ نحو ثلاثة أسابيع. واغتالت قوات الاحتلال قائد سرايا القدس، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الاسلامي، في مدينة نابلس محمد رماحة (25 سنة)، فيما أصيب 8 آخرين بجروح بينهم أربعة أطفال.
واستشهد الشاب وهيب الديك (27 سنة) من بلدة كفر الديك غربي مدينة سلفيت، جراء إصابته برصاص قوات الاحتلال.



محمد دحلان يقود تياراً انقلابياً يمارس الفوضى الخلّاقة التي أرادتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، وينفذ مخططاً للانفلات الأمني المبرمج