المعلم يحذر من حروب طائفية وينفي صفقة “لبنان مقابل العراق”
أعرب الرئيس السوري بشار الأسد امس عن استعداد بلاده للتعاون مع الولايات المتحدة في العراق وعقد حوار مع إسرائيل، نافياً أن يكون حزب الله “دمية بيد دمشق” وأن تكون سوريا تسلّحه، فيما حذّر وزير خارجيته وليد المعلم من أن المنطقة على مفترق طرق “إما الاستقرار أو حروب طائفية”، معتبراً أن الانسحاب الفوري من العراق “عمل غير أخلاقي”، ونافياً نية دمشق “عقد صفقة مع واشنطن حول لبنانوقال الأسد، في حديث لصحيفة “لا ريبوبليكا” الايطالية أمس، إن “سوريا تريد عقد حوار مع إسرائيل ومستعدة للتعاون مع الولايات المتحدة بشأن العراق”. وأضاف أن “سوريا وإسرائيل يمكن أن يعيشا جنباً إلى جنب في سلام ووئام. ويجب أن يعقد رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت حواراً مع سوريا ليعرف كما يقول بعض الاسرائيليين إذا كنا صرحاء أم لا”.
وأشار الاسد إلى أن “حماس وحزب الله يتمتعان بالشرعية الناتجة من تأييد الشعب لهما في الاراضي الفلسطينية ولبنان”، نافياً أن يكون حزب الله “دمية تحركها سوريا”.
وقال الأسد، رداً على سؤال عن شكوك بشأن معاودة سوريا تسليح حزب الله، “انني لا أفهم ذلك. هناك اقمار اصطناعية وهناك يونيفيل (القوات الدولية في جنوب لبنان) وأجهزة استخبارات لبنانية؛ وإذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا لا يوقفون اعادة التسلح هذه؟ ان الصواريخ يبلغ طولها خمسة او ستة امتار. انها ليست حبوباً يمكن ان نخفيها في جيب”. وأضاف أن “اولئك الذين يسعون الى عزل سوريا عُزلوا بدورهم”، موضحاً “اقصد فرنسا... فباريس فقدت بسياستها أي صدقية”.
وعندما سئل عن معلومات لأجهزة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية مفادها أن سوريا تحشد صواريخ طويلة المدى على حدودها في اطار حملة عسكرية، رد الرئيس السوري قائلاً إن “حشد الصواريخ هو وصف غير صحيح”. لكنه أضاف: “نتوقع ان تشن اسرائيل حرباً على سوريا في اي لحظة. فهي (اسرائيل) تهدد بشن حرب على حزب الله وسوريا الصيف المقبل... إن ذلك ليس وهماً: ان الحرب لا تزال أمراً ممكناً في منطقتنا”.
وعن العراق والصراع الفلسطيني ــ الاسرائيلي، قال الاسد إن “أي حل يجب أن يشمل محادثات بين الولايات المتحدة وأوروبا وسوريا وإيران”. وأضاف “إننا (السوريين) نعرف هذه المنطقة جيداً بحكم أننا نعيش فيها”، مشيراً إلى أن واشنطن “تحتاج إلى مساعدتنا” لوضع خطة بشأن العراق، وإلى أن حكومته مستعدة لتنظيم قمة سلام في العراق.
وأعرب الاسد عن استعداده لإجراء حوار بنّاء مع الولايات المتحدة في المنطقة “لكن الإرادة (وحدها) لا تكفي ولا يمكننا أن نكون منفردين”، داعياً “اسرائيل والعراق والامم المتحدة وأوروبا، وأيضاً الصين واليابان” إلى طاولة المفاوضات. وقال أيضاً إن “ايران بلد مهم ويجب على الولايات المتحدة واوروبا التحدث مع طهران”.
وعند سؤاله عن مؤتمر محارق النازية (الهولوكوست) الذي عقد في إيران، قال الاسد إن “أوروبا تعاني عقدة من الهولوكوست، لكننا لا نعانيها لأننا لم نرتكب هذا العمل”.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية السوري وليد المعلم، في مقابلة مع صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، إلى أن “سوريا ليست ضد الولايات المتحدة. بل على العكس، نريد أن نكون طرفاً في حوار إقليمي يخدم برأينا المصالح الأميركية في المنطقة”.
ووصف المعلم أميركا والمنطقة بأنهما على مفترق طرق، مضيفاً “إننا إما نتوجه نحو الاستقرار أو أن المنطقة ستنهار، وستنشب حروب طائفية وأهلية ويتولى المسؤولية بعدها المتطرفون الذين يقفون خلف هذه الحروب”.
وعبّر المعلّم عن دعم بلاده للاقتراحات المتعلقة بسوريا الواردة في تقرير لجنة بيكر ــ هاملتون بعد دراستها بالتفصيل. ووصف سوريا بأنها شريك ضمني في استقرار منطقة الشرق الأوسط.
وقال وزير الخارجية إن بلاده تستحسن وضع جدول زمني لانسحاب القوات الأميركية من العراق، غير أنه أوضح أن انسحاباً أميركياً سريعاً من العراق قبل أن يتمكن العراقيون من تسلّم الوضع الأمني سيكون “عملاً غير أخلاقي”.
وأضاف المعلّم أن محاولات إدارة الرئيس الاميركي جورج بوش عزل سوريا فشلت، وأن الوقت قد حان بالنسبة للإدارة الأميركية لأن تحاول مقاربة أسلوب مختلف مبني على المصالح السورية ــ الأميركية المشتركة والتي حددها بثلاثة أهداف في الشرق الأوسط: السلام والاستقرار والازدهار.
وأضاف المعلّم أنه رغم أن سوريا ترغب في استعادة مرتفعات الجولان المحتلة، إلا أنها لا ترى أن ذلك شرط للحوار. وقال “على الحوار البنّاء أن ينطلق من دون شروط مسبقة”، نافياً سعي سوريا للحصول على المزيد من النفوذ في لبنان ثمناً للمساعدة التي تقدمها في العراق.
وقال المعلم “هذه ليست صفقة. إنها ليست صفقة: سنقوم بذلك إذا أعطيتمونا لبنان”، غير أنه أوضح أنه إذا أرادت أميركا الحوار “فعليكم أن تؤكدوا لنا حسن نواياكم المتعلقة باستقرارنا”. وأضاف “ليس مفيداً التعاطي مع القلق العميق الذي يسود المنطقة عبر إعطائنا حبوب الأسبرين. عليكم معالجة القضايا الرئيسية، وبينها تسوية سلمية للصراع العربي ــ الإسرائيلي. سيؤدي ذلك فوراً إلى حل في لبنان، وسيساعد على استقرار العراق وأمنه”.
ورأى وزير الخارجية السوري أن “العراق مشابه للبنان. لا يمكنك حكم العراق بالأكثرية. تحكم العراق بالاتفاق، شاركت كل المجموعات العراقية في المسيرة السياسية. الخطوة الأولى تبدأ مع العراقيين أنفسهم. يحتاجون إلى إنهاء الانقسامات داخل بلادهم. يحتاجون إلى الاتفاق على الدستور والوحدة وتوزيع الثروة وحل الميليشيات. وعندما يتفقون على هذه المسائل يبدأون عندها التحضير لمؤتمر المصالحة الوطنية”.
وكشف المعلّم أن سوريا تعاونت مع قطر من أجل التوسط في تسوية بين حركتي “حماس” و“فتح”. وقال “سأكشف لك عن سر للمرة الأولى، نبذل جهوداً مع وزير خارجية قطر ومسؤولي حركة حماس وحركة فتح. لقد بقينا على مسافة واحدة بينهما من أجل الوصول إلى تأليف حكومة وحدة وطنية. لقد أقنعنا حماس بوقف إطلاق النار في غزة. نأمل أن يصار إلى تطبيق ذلك أيضاً في الضفة الغربية. لقد أقنعنا حماس بالموافقة على دولة فلسطينية في الأراضي التي احتلت في عام 1967. ماذا تريدون منا أكثر من ذلك؟”.
(يو بي آي، أ ف ب، رويترز)