“انتخابات، لكنها ليست انتخابات”، هذه هي الأحجية التي تشهدها دولة الإمارات اليوم، إذ إن أقل من 1 في المئة من الإماراتيين، الذين اختارتهم السلطات المحلية، سيتوجهون لانتخاب “ممثليهم” في المجلس الوطني (البرلمان).الحدث الانتخابي الأول، في تاريخ الإمارات، كان خطوة أقل من ناقصة، رغم أنه سمح للنساء بالترشح والاقتراع. إلا أن قانون تنظيمه فرض على الإماراتيين بغالبيتهم أداء دور المتفرج، إذ أعطى الحق في الانتخاب لأعضاء هيئة انتخابية مؤلفة من نحو 6700 شخص من مواطني الإمارات البالغ عددهم 800 ألف نسمة، والتي يسكنها نحو أربعة ملايين نسمة من حاملي جنسيات مختلفة.
ويخوض الانتخابات نحو 450 مرشحاً، 65 منهم من النساء، ويبلغ عدد المخولين التصويت 6689 مواطناً، بينهم 1189 امراة. ويجري التنافس على نصف مقاعد المجلس الاستشاري الأربعين، الذي لا يتمتع بصلاحيات تشريعية حقيقية لكنه يحظى بصفة استشارية، على أن يختار حكام الإمارات النصف الآخر.
وتنظّم الانتخابات على مراحل ابتداء من اليوم، وذلك باقتراع أعضاء “الهيئة الانتخابية” في كل إمارة من الإمارات السبع، لمرشحين من هذه الهيئة حصراً.
ورأى استاذ العلوم السياسية عبد الخالق عبد الله، أنها “خطوة متواضعة ومتأخرة لكنها مهمة”، ووصفها بأنها “تجربة للديموقراطية علّها تجعل الحكومة تثق في أن الانتخابات لا تعني عدم الاستقرار أو أنها تفتح الطريق أمام القلاقل”. وشدد عبد الله على “أن سكان دولة الإمارات العربية مفتحو العقول ومثقفون جيداً، ومستعدون لممارسة حقوقهم السياسية”. وتابع أن “حقيقة أن نحو ستة آلاف شخص تقريباً من حقهم الإدلاء بأصواتهم في الوقت الذي يجلس فيه الباقون في منازلهم يتابعون الموقف، ليس أمراً طبيعياً، بل هو غير صحي ولا يلائم دولة الإمارات العربية المتحدة”.
ولعل النساء الإماراتيات هن المستفيد الأكبر من تنظيم الانتخابات، التي أعطتهن دفعاً نحو العمل على كسر القوالب المتعارف عليها ودخول معترك السياسة من خلال طرح قضايا اجتماعية، غير آبهات بنتائج الانتخابات السلبية لمثيلاتهن في دول الخليج المجاورة.
وبدا المشهد العام لصحف الإمارات في الأسبوع الماضي جديداً على القارئ الخليجي، إذ تصدرت صور المرشحات المحجبات الصفحات الاولى، فيما استبدلت المساحات الإعلانية، إن على الصفحات أو في لوحات الإعلانات، بشعاراتهن الانتخابية.
وتأمل الكاتبة الصحافية ميساء غدير، دخول المجلس الوطني الاتحادي “بهدف مساعدة مواطني هذا البلد، الذي يؤلّف الوافدون غالبية سكانه”. وأضافت أن أولويتها ستكون في حال انتخابها ضمانة “أن يعيش هذا المواطن في أمان سياسي واقتصادي واجتماعي، لأن بلدنا صار عالماً مفتوحاً”. وأوضحت غدير أن “هذا يعني أن أضمن أن يكون لديه مسكن، لأنه من غير الممكن أن تبنى عقارات بالملايين والمواطن من دون بيت، وكذلك توفير الرعاية الصحية ورفع مستوى التعليم ليوازي النهضة الاقتصادية، وتوطين الوظائف”.
ويرى مواطنو الإمارات في خوض النساء للانتخابات دليلاً على أن البلاد قطعت شوطاً كبيراً لتمكين النساء من العمل السياسي، في منطقة لا يزال الكثيرون فيها يعتقدون أنه يجب أن تركز المرأة على تربية الابناء.
ولم تحدد الإمارات حصة لضمان وصول حد أدنى من النساء لعضوية المجلس الوطني الاتحادي، لكن بعض مسؤولي الانتخابات يؤكدون أنه سيصار إلى تعيين نساء في المجلس الوطني الاتحادي حتى اذا لم يفزن بأي مقاعد من خلال الاقتراع. وهناك بالفعل وزيرتان في الحكومة الإماراتية.
(أ ب، رويترز، أ ف ب، د ب أ)