علي حيدر
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت توصل، بعد فوات الأوان، إلى حقيقة أن المواقف السياسية التي يتخذها المسؤولون الإسرائيليون بخصوص المصالح الإسرائيلية إزاء التطورات السياسية الداخلية في لبنان وقطاع غزة قد تترك في الكثير من الأحيان آثاراً سلبية على الأطراف التي يحاول أن يدعمها

طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت أمس من أعضاء حكومته عدم التعقيب على الخطاب الأخير الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ودعا فيه إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة، مبرراً ذلك بأن هذا الأمر «شأن فلسطيني داخلي»، في وقت تحدثت مصادر سياسية وإعلامية إسرائيلية عن استعداد إسرائيل لمساعدة أبو مازن إذا اتخذ قراراً بمواجهة حركة «حماس».
ورأت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن أولمرت يهدف من وراء تعليماته إلى «عدم إفشال خطوات فلسطينية داخلية أو نشوء إمكان لتدخل إسرائيل في خطوات ليست مرتبطة بها»، منطلقاً من تجارب سابقة تركت فيها العديد من المواقف الإسرائيلية آثاراً سلبية، وخاصة أن «حماس تتهم عباس أصلاً بالتعاون مع إسرائيل، وكل تصريح إسرائيلي لمصلحة عباس سيضعفه وحسب في الشارع الفلسطيني».
وكانت مصادر في مكتب أولمرت نفسه، قد عقبت في وقت سابق، قبل قراره كمّ الأفواه، على خطاب عباس ووصفته بأنه «تطور إيجابي»، لكنها طالبت بالتريث لمعاينة الأفعال وعدم الاكتفاء بالأقوال. وأوضحت المصادر نفسها «أنه من المبكر إبداء رأي، لأن تصريحات مشابهة قيلت في السابق ولم تؤد إلى شيء».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر في مكتب أولمرت قوله إن «أولمرت يحترم أبو مازن ويأمل في أن يتمكن من إظهار قدرته على قيادة الشعب الفلسطيني وتأليف حكومة تستجيب لمطالب المجتمع الدولي»، في إشارة إلى شروط نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل وباتفاقات السلام الموقّعة معها.
أما «معاريف» فنقلت عن مصادر أخرى في المكتب نفسه قولها إن «الأقوال التي جاءت في خطاب رئيس السلطة الفلسطينية إيجابية، لكن لا يزال يتوجب علينا الانتظار لرؤية كيف ستتطور الأمور».
وفي هذا السياق، أكد نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي شمعون بيريز، في مقابلة مع الإذاعة الإسرائيلية، أن إسرائيل لن تجري مفاوضات مع «حماس»، وخصوصاً في أعقاب زيارة رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إلى إيران «التي تدعو إلى تدمير إسرائيل». وقال إنه «يتوجب على إسرائيل التفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية وخصوصاً في القضايا الاقتصادية لأن المشاريع الاقتصادية توفر أماكن عمل».
ورحب مصدر أمني مقرب من وزير الدفاع الإسرائيلي عامير بيرتس بقرار عباس إجراء انتخابات مبكرة. وقال: «يدور الحديث عن قرار سياسي فلسطيني هام يخلق فرصاً جديدة لنبذ الإرهاب». وأضاف ان ذلك «قد يُمكّن من العودة إلى طاولة المفاوضات وبلورة واقع جديد للمنطقة».
وفيما ذهب الوزير السابق أوفير بينيس (العمل) إلى اعتبار أن «أبو مازن أثبت مرة أخرى شجاعة وقدرة على القيادة»، محذراً من أنه «إذا لم نعمل معه ستسيطر إيران على السلطة الفلسطينية»، وقال رئيس حزب المفدال اليميني، زبوبون أورليف، إنه «ليس ثمة سبب للبدء في الرقص والسكون إلى الاطمئنان والوقوع في الأوهام»، مشيراً إلى أن «أبو مازن أثبت أن قوته في لسانه لا في أفعاله. وعندما منحناه الفرصة في الماضي، لم يتخذ أي خطوة ضد الإرهاب. يجب أن يمتحن أبو مازن بالنتيجة لا بالأقوال».
وبعد إطلاق العديد من المواقف، وجه أولمرت تعليماته في أعقاب مشاورات مع مستشاريه السياسيين إلى الوزراء بعدم الحديث عن الموضوع الفلسطيني الداخلي بشكل علني. وعلى الفور، باشر سكرتير الحكومة الإسرائيلية يسرائيل ميمون الاتصال بالوزراء ونقل تعليمات أولمرت إليهم بعدم الإدلاء بتصريحات حول الصراع الداخلي الفلسطيني.
ونقل عن أحد الوزراء قوله إن «هذه التعليمات هامة وستمكّن إسرائيل من البقاء على صورة مراقب جانبي للعملية التي ينوي عباس تنفيذها»، مضيفاً أن «على إسرائيل رؤية كيف ستتطور الأمور في السلطة الفلسطينية، إذ ليست كل الأمور متعلقة بأبو مازن، وقد شاهدنا في الماضي حدوث تطورات غير متوقعة».
ونقل المعلق السياسي في القناة الثانية من التلفزيون الإسرائيلي، أودي سيغل، عن مصادر سياسية قولها إن إسرائيل على استعداد لمساعدة أبو مازن إذا قرر مواجهة حماس. كما ذكر عاموس هرئيل في «هآرتس» أن «إسرائيل تتابع القضية بعد كل هذه الأحداث بحذر أيضاً»، مشيراً إلى أنه طالما «لم ينزلق الصدام الداخلي في القطاع إلى تجدد القصف للنقب، فإن إسرائيل لن ترد». لكنه أضاف أن إسرائيل وإن كانت «لا تنوي الآن التدخل» إلا أنها ربما تسمح بدخول قوات لواء بدر التابع لجيش التحرير الفلسطيني في الأردن لمساندة أبو مازن.