أعادت محكمة ليبية أمس الحكم بالإعدام على خمس ممرضات بلغاريات وطبيب فلسطيني لإدانتهم بحقن مئات الأطفال الليبيين بفيروس الإيدز في مستشفى في بنغازي في أواخر التسعينيات، ما فجّر زوبعة من الاستنكار والشجب الأوروبي.وأعلن وزير الخارجية الليبي عبد الرحمن شلقم أمس أن بلاده «لم ولن تخضع لأي ضغوط خارجية، وأن القضاء الليبي بعيد كل البعد عن السياسة». ونفى أن تكون لزيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد ولش إلى ليبيا علاقة بالقضية.
واستغرب شلقم «كيف للعالم أو الغرب أن يتكلم عن قضية خمس ممرضات وطبيب، ويتجاهل قضية 440 طفلاً ليبياً».
أما وزير العدل الليبي على عمر الحسناوي فرأى من جهته أن «القضاء في ليبيا فيه أفضل الضمانات للمحكوم عليهم»، مشيراً إلى أن حكم الإعدام الذي صدر أمس سيراجع من قبل المحكمة العليا. وقال إن «لدى المحكوم عليهم فرصة من خلال تقديم استئناف عن الحكم الصادر أمام محكمة النقض».
ونددت بلغاريا بشدة، بحكم الإعدام. وعلمت «الأخبار» أن الرئيس البلغاري جورجي بارفانوف بعث أمس برسالة عاجلة إلى الزعيم الليبي معمر القذافي عبّر خلالها عن احتجاج بلاده على الحكم.
وأصدر بارفانوف ورئيس الوزراء سيرغي ستانيشيف بياناً مشتركاً لحث المجتمع الدولي على التنديد بالحكم ودعوة السلطات الليبية «إلى التدخل فوراً باسم العدالة من أجل إعادة النظر الفورية بهذا الحكم العبثي، والإفراج عن الممرضات البلغاريات والطبيب الفلسطيني».
ورأى وزير الخارجية البلغاري إيفايلو كالفين أن قرار المحكمة الليبية «مخيب كثيراً للآمال». وقال «إن صوفيا ستقوم بمساع لدى طرابلس وجميع شركائها الدوليين من أجل التوصل إلى إعادة الممرضات إلى بلادهن».
ورأت صوفيا أن المحاكمة برمّتها تشوبها عيوب، لأنها لم تأخذ في الاعتبار شهادات خبراء دوليين في الإيدز برّأوا الممرضات والطبيب، في إشارة منها إلى إفادة مكتشف فيروس الإيدز، الطبيب الفرنسي لوك مونتانييه، الذي أكد أن التلوث ظهر في المستشفى الذي كان يعالج فيه الأطفال في مدينة بنغازي عام 1997 قبل عام من وصول المتهمين الستة الى ليبيا.
بدوره، سارع الاتحاد الأوروبي إلى التنديد بالحكم، ودعا ليبيا إلى التراجع عنه. وقال المفوض الأوروبي لشؤون العدل، فرانكو فراتيني، في بروكسل، «إن الحكم يشكل عقبة على طريق تعاون طرابلس مع الاتحاد الأوروبي»، الذي ستنضم إليه بلغاريا مطلع العام المقبل، والذي يسعى إلى تعاون أكبر مع ليبيا في ما يتعلق بالسيطرة على الهجرة غير الشرعية من إفريقيا عبر المتوسط باتجاه أوروبا.
من جهته، أعرب وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي في باريس عن صدمته، ودعا القضاء الليبي «إلى الرأفة بالمتهمين»، فيما أكد مسؤول أميركي رفيع المستوى أن «الحكم لن يكون الخطوة الأخيرة في العملية القانونية الليبية وأنه يمكن استئنافه أمام المحكمة العليا الليبية، وقد يرفع بعد ذلك إلى المجلس الأعلى للهيئات القضائية الليبي الذي قد يمنح العفو».
واحتفلت عائلات الأطفال الضحايا فور النطق بالحكم أمام مقر المحكمة، ورددوا هتافات تشيد بالقذافي، وطالبوه بالمضي قدماً في تحدي الغرب وبعدم الرضوخ لأية ضغوط دولية في هذه القضية.
ورأى رئيس جمعية الأطفال الليبيين المصابين بالإيدز، إدريس الآغا، أن «الحكم حقق العدالة في أبهى صــــورها». وأضاف أن احتمالات قبــــول الطعــــن ضعيفة جداً، نظراً لـــــقوة الأدلــــة والقـــــرائـــن التــــي تـــديـــن المتــــهمين.
وقد حُكم على الستة الموقوفين منذ عام 1999 بالإعدام في أيار 2004. إلا أنهم استأنفوا الحكم أمام المحكمة العليا الليبية التي أمرت في كانون الأول 2005 بإعادة محاكمتهم.
(الأخبار، أ ب، أ ف ب، رويترز)