غزة ــ رائد لافي
عباس مستعد لحوار جديد وإسرائيل تبحث تسليمه أموال العوائد الضريبية

بدت مدينة غزة أمس أقل “توتراً”، وخيّمت أجواء من الهدوء الحذر عليها، بعد سلسلة من الصدامات الدموية خلال الأيام الأربعة الماضية، بين حركتي “فتح” و“حماس”، ومن خلفهما مؤسستا الرئاسة والحكومة، راح ضحيتها 12 فلسطينياً من الطرفين، بينهم مدنيون، وعشرات الجرحى.
وأنهى أنصار الحركتين الصدامات الدامية بمواجهة عنيفة وقعت في شارع الثلاثيني الرئيسي وسط مدينة غزة في ساعة متقدمة من ليل الثلاثاء ــ الأربعاء، قتل فيها ناشطان من حركة “فتح”.
وجاءت المواجهة الأخيرة بعد وقت قصير من دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والذي وافق عليه الرئيسان محمود عباس واسماعيل هنية، برعاية الوفد الأمني المصري المقيم بصفة دائمة في غزة، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو. وقالت مصادر فلسطينية إن القتيلين هما: الشرطي أشرف دغمش (28 عاماً) والشاب محمد دغمش (28 عاماً) وهو مرافق مسؤول العلاقات الخارجية في حركة “فتح” سمير المشهراوي.
وفي سياق الفتنة الداخلية، أصيب 11 فلسطينياً من أنصار حركتي “فتح” و“حماس” في حوادث إطلاق نار منفصلة في مدينة غزة، بينهم 3 في حال الخطر الشديد، وفقاً لمصادر طبية.
وأعلنت مصادر في حركة “حماس” أن أجهزة الأمن اختطفت ثلاثة من عناصرها غربي مدينة غزة، وطالبت بسرعة الإفراج عنهم.
وأثناء تشييع القتيلين دغمش، هاجم مسلحون مقر “شركة توزيع كهرباء محافظات غزة” في شارع الثلاثيني، وأحرقوا أربع سيارات ودمروا المقر عندما شاهدوا مسلحين اعتقدوا أنهم من القوة التنفيذية التابعة لوزارة الداخلية، قبل أن يتبيّن غير ذلك.
وبعد ساعات على هذه المواجهة الدامية، عاد الهدوء ليخيم على المدينة، وعادت الحياة نسبياً إلى طبيعتها، حيث لم يسمع صوت أزيز الرصاص أو القذائف فيها.
وفيما فتحت المحال التجارية أبوابها بعد أيام عصيبة انعدمت فيها الحركة التجارية، امتنع طلبة المدارس والجامعات عن التوجه الى مقاعد الدراسة بدعوة من وزارة التربية والتعليم العالي، احتجاجاً على الاشتباكات التي طالت بين ضحاياها أطفالاً وطلاباً.
وامتثالاً لاتفاق التهدئة الشاملة، سحبت وزارة الداخلية القوة التنفيذية من الشوارع وكذلك فعلت حركتا “فتح” و“حماس”، كما سحب عباس قواته من محيط المربع الأمني، الذي يضم منزله ومكتبه وقصر الضيافة في حي الرمال وسط المدينة.
وفي الضفة الغربية، أعلنت مصادر أمنية فلسطينية أن القاضي في المحكمة الشرعية عزام هواش، العضو في حركة «حماس»، جرح برصاص أطلقه مجهولون في نابلس. وفي سياق التجاذب السياسي، برز أمس موقف رئيس المجلس التشريعي المعتقل عبد العزيز الدويك، الذي رأى أن دعوة عباس إلى انتخابات مبكرة “غير قانونية”.
وقال الدويك، في محكمة عوفر العسكرية الإسرائيلية، إنه “ليس في الدعوة أي صورة قانونية على الإطلاق وهي مخالفة للقانون، ومن أراد أن يعرف أنها مخالفة فعليه العودة إلى مؤسسة كلينتون فونديشن”.
وأضاف الدويك “أقول بصراحة، إن الذين يتحدثون عن العيب، أرى أن أعيب العيب هو أن يجري حديث عن انتخابات تشريعية بينما يقبع رئيس المجلس التشريعي وأعضاؤه خلف القضبان”.
ودعا الدويك أبناء الشعب الفلسطيني إلى لمّ الشمل والاصطفاف صفاً واحداً وتفويت الفرصة و“الاجتماع على الوثيقة التاريخية، وثيقة الوفاق الوطني التي بها نتّحد وبدونها نفترق”.
إلى ذلك، أعلن الرئيس الفلسطيني أمس أنه لا يمانع في استئناف الحوار مع حركة «حماس» بشأن تأليف حكومة وحدة وطنية، رغم قراره الدعوة إلى انتخابات مبكرة.
وقال عباس، خلال مؤتمر صحافي في رام الله (الضفة الغربية) عقده مع نظيره النروجي جينس ستولتنبرغ، «ليس لدينا مانع من أن يكون هناك حوار» مع حركة حماس، مضيفاً «نريد أن تصل هذه المساعي إلى شاطئ الأمان».
ومن المقرر أن يتوجّه عباس الأحد المقبل إلى عمان للقاء الملك الأردني عبد الله الثاني.
وفي إطار الدعم الأميركي والإسرائيلي لموقف عباس، قالت مصادر غربية وفلسطينية إن إسرائيل تدرس الإفراج عن عوائد الضرائب المجمدة، التي تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات ودفعها إلى الرئيس الفلسطيني.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم الإفصاح عن أسمائها، إن إسرائيل تفكر في الإفراج عن الأموال على مراحلن ما يسمح لعباس بأن يقدم دفعات للموظفين، الذين لم يتلقوا مرتباتهم كاملة منذ وصول “حماس” إلى السلطة في آذار الماضي.